صاروخ ذكي لأبو عبيدة .. تفاصيل جديدة لعملية اغتيال لسان حماس الملثم

في قلب غزة المدمّرة، وبين ركام المباني وأصوات الحرب، برز خبرٌ هزّ الأوساط الإعلامية والسياسية: هل نجحت إسرائيل أخيرًا في اغتيال أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام؟ الرجل الملثم صاحب الصوت الحاد والخطابات المزلزلة، الذي تحوّل منذ سنوات إلى أيقونة إعلامية ورمز نفسي للمقاومة الفلسطينية، صار اليوم في قلب العاصفة بين تأكيدات إسرائيلية ونفي غير مباشر من حماس.
تفاصيل الغارة: صاروخان في حي الرمال
بحسب هيئة الإذاعة الإسرائيلية ومصادر عبرية متقاطعة، بدأت العملية بعد تلقي المخابرات الإسرائيلية معلومة استخباراتية دقيقة تشير إلى وجود أبو عبيدة داخل شقة سكنية بحي الرمال، بالقرب من أحد المخابز المحلية، خلال ساعات من المراقبة الجوية، رُصدت تحركات عدة، ودخل أشخاص وخرجوا من المبنى حتى حانت لحظة التنفيذ.
عند الساعة الثامنة مساءً تقريبًا، أطلقت الطائرات الإسرائيلية صاروخين موجهين بدقة عالية، اخترقا الطابق الثالث من المبنى وأحدثا انفجارًا هائلًا دمّر الشقة بالكامل؛ وفق المصادر العبرية، كان أبو عبيدة متواجدًا مع زوجته وأطفاله الثلاثة واثنين من مرافقيه، مما أدى إلى مقتل جميع من في المكان ونقل أشلاء متفحمة إلى المستشفيات.
الرواية الإسرائيلية: نجاح استخباري واستراتيجي
في بيان مشترك، أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك:
"تمت تصفية هدف مركزي في حركة حماس باستخدام ذخائر دقيقة لتقليل الخسائر الجانبية".
وسائل الإعلام الإسرائيلية احتفت بما وصفته بـ "الإنجاز النوعي"، معتبرة أن العملية أنهت صوتًا إعلاميًا خطيرًا لحماس. صحيفة يديعوت أحرونوت أشارت إلى "اختراق استخباري بالغ الأهمية"، بينما كتبت معاريف:
"حماس فقدت اليوم الرجل الذي كان يقود حربها النفسية ضد إسرائيل".
موقف حماس والإعلام العربي: حذر وتكذيب غير مباشر
على النقيض، التزمت حركة حماس الصمت الرسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير، واكتفت كتائب القسام بنشر صورة ساخرة لأبو عبيدة على تليغرام جاء فيها:
"هذا الرجل أكثر واحد أُعلن اغتياله في الإعلام العبري منذ بداية الطوفان، فلا تصدقوا كل ما يقال".
بعض القنوات العربية نقلت الخبر بحذر، مثل قناة "العربية" التي استندت إلى مصدر فلسطيني أكّد مقتل جميع من كانوا في الشقة، بينما اكتفت قنوات أخرى بذكر أن "مصادر عبرية تحدثت عن اغتيال الناطق باسم القسام" دون تأكيد.
من هو أبو عبيدة؟ الرمز الذي أرعب إسرائيل
منذ عام 2004، ظهر أبو عبيدة كمتحدث عسكري باسم كتائب القسام، لكن مع مرور السنوات تحوّل إلى رمز للمقاومة الفلسطينية. لم يظهر وجهه يومًا علنًا، وبقي ملثمًا، لكن صوته الجهوري وخطاباته الحماسية جعلته أيقونة إعلامية يتابعها الملايين في العالم العربي.
إسرائيل تعتبره أحد أخطر أدوات الدعاية الحربية لحماس، وحاولت اغتياله مرات عدة منذ 2008 دون نجاح. لكن العملية الأخيرة، وفق الرواية الإسرائيلية، "أنهت صوته إلى الأبد".
هل دفع ملف الأسرى ثمنًا لهذه العملية؟
اللافت أن الغارة جاءت بعد ساعات من خطاب مسجل لأبي عبيدة حذّر فيه إسرائيل من أن أي اقتحام لغزة سيعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، قائلاً:
"أي أسير يموت تحت قصفكم سننشر صورته واسمه، ولن نسمح بإخفاء الجثامين".
هذا التهديد، بحسب محللين إسرائيليين، كان القشة التي دفعت لتسريع قرار الاغتيال، خصوصًا أن ملف الرهائن يشكل ضغطًا هائلًا على الحكومة الإسرائيلية.
ما وراء الحرب الإعلامية: حقيقة أم خدعة جديدة؟
منذ السابع من أكتوبر 2023، كثفت إسرائيل عملياتها لاغتيال قادة حماس، وأعلنت قتل شخصيات بارزة مثل محمد الضيف ويحيى السنوار ومروان عيسى. ومع ذلك، كثيرًا ما شكك الفلسطينيون والعرب في صحة هذه الإعلانات الإسرائيلية، نظرًا لاعتمادها أحيانًا على الحرب النفسية.
اليوم، مع تضارب المعلومات بشأن مصير أبو عبيدة، يظل السؤال:
-
هل نحن أمام عملية اغتيال ناجحة أزالت رمزًا إعلاميًا لحماس؟
-
أم أمام حملة تضليل جديدة تستهدف معنويات المقاومة؟
رمزية غياب أبو عبيدة وتأثيره على المقاومة
في حال تأكدت أنباء مقتله، ستكون خسارة استراتيجية لحماس ليس فقط على المستوى العسكري، بل الأهم نفسيًا وإعلاميًا؛ فالرجل الذي لم يظهر وجهه، استطاع أن يترك بصمة على الوعي العربي والإسلامي، وجعل كل خطاب له حدثًا ينتظره الملايين.
غيابه المحتمل يفتح الباب أمام فراغ إعلامي كبير داخل كتائب القسام، وربما يعيد تشكيل أدوات التواصل والدعاية لدى الحركة في ظل الحرب المستمرة على غزة.
الحقيقة تنتظر البيان الرسمي
حتى هذه اللحظة، لم يصدر أي تأكيد رسمي من حماس بشأن مصير أبو عبيدة، فيما تستمر إسرائيل في نشر تفاصيل العملية باعتبارها "نجاحًا محققًا". ويبقى الشارع الفلسطيني والعربي في حالة ترقب وريبة، بانتظار ما إذا كان الملثم سيطل مجددًا بخطاب جديد، أم أن صوته قد خفت إلى الأبد تحت أنقاض حي الرمال.
أبو عبيدة حي الرمال، اغتيال أبو عبيدة، عملية اغتيال المتحدث باسم القسام، كتائب القسام 2025، الحرب على غزة، حرب إسرائيل وحماس، اغتيال قادة حماس، الحرب النفسية في غزة، صاروخ ذكي لأبو عبيدة،