بالفيديو .. النهاية الغامضة لعدي صدام حسين كما لم تُروَ من قبل وكيف قتل زعيم العراق
بداية الحكاية التي ظنّ الجميع أنهم يعرفونها
يعتقد كثير من المتابعين أنهم يعرفون كل ما يمكن معرفته عن حياة عدي صدام حسين، الابن الأكبر للرئيس العراقي الراحل، لكن الحقيقة أن ما يجهله معظم الناس هو التفاصيل الدقيقة لنهايته والليلة الأخيرة التي حوّلت اسمه إلى محور دراسة في أهم الأكاديميات العسكرية حول العالم الفقرة التي أثارت خيال صناع السينما جعلت هوليوود تنتج عشرات الأفلام عنها، بسبب ما حملته من اشتباكات استثنائية وشجاعة غير مألوفة حتى في معايير الحروب القاسية
عدي صدام حسين لم يمت موتة تقليدية، ولم يسقط بسهولة كما توقعت القوات الأمريكية، بل واجه وحده تقريبًا قوة عسكرية كاملة بكل عتادها الحديث في واحدة من أعنف المواجهات التي شهدتها الحرب منذ دخول القوات الأمريكية بغداد عام 2003 الفقرة التي اتفق فيها حتى أعداؤه على أن الرجل قاتل ببسالة غير مسبوقة قبل أن يسقط مضرجًا بالدماء داخل منزل محاصر من كل الجهات
أسئلة تكشف حجم الغموض الذي يحيط بالنهاية
قبل البدء في سرد تفاصيل تلك الليلة، يمكن إدراك حجم الجهل العام بالحقائق من خلال طرح أسئلة بسيطة تتعلق بأبرز التفاصيل التي لا يعرفها معظم الناس رغم كثرة الفيديوهات المتداولة حول القصة فمن هو الشخص الذي تسبب في مقتل عدي ولماذا اختار الأمريكيون الاعتماد عليه تحديدا وكيف انتهت حياته بعد الحادثة بأسابيع قليلة وما الذي قاله صدام حسين حين علم بمقتل ابنه وهل فعلا نطق ثلاث كلمات فقط هزت العراق تأثيرا يفوق تأثير القنابل التي مزقت البيت.
أين ذهبت الجثة بعد القتل وما هو الموقع السري الذي أرسلت إليه ولماذا كل هذا التكتم ولماذا وصفت مصادر أمريكية لاحقة المشهد بأنه لم يكن مجرد مقتل مطلوب، بل نهاية وحش أخير بحسب وصفهم وأي جملة ظهرت مكتوبة بحبر سري على جدار غرفة عدي ولماذا أصيب الجنود الأمريكيون بالذعر منها وما هي المكالمة الأخيرة التي أجراها قبل دقائق من موته ولماذا استغرقت سبع عشرة ثانية فقط ومع من كانت وما الذي قاله خلالها
هذه الأسئلة التي لم يتمكن معظم الناس من الإجابة عليها تكشف أن ما هو شائع قليل للغاية أمام ما جرى فعلا في ذلك اليوم المشحون بالدماء والخيانات والنار
9 أبريل 2003 بداية الانهيار الكبير
كان التاسع من أبريل 2003 علامة فارقة في تاريخ العراق ففي هذا اليوم سقطت بغداد رسميًا تحت قبضة الغزو الأمريكي وسقط معها نظام صدام حسين لأول مرة بعد أربعة وعشرين عامًا من الحكم العسكري والسياسي الحديدي لكن ورغم إحكام السيطرة على العاصمة لم يكن الأمريكيون قادرين على إعلان النصر الكامل لأن هدفهم الأهم لم يتحقق بعد القبض على صدام حسين ونجليه عدي وقصي أحياء ثم إعدامهم علنًا لكسر المقاومة العراقية التي كانت في ذروتها
منذ الأسابيع الأولى كان صدام حسين وولده يتنقلون بسرية تامة بين مخابئ وبيوت آمنة بلا هواتف ولا أي أجهزة إلكترونية تجنبًا للتتبع حتى الأقمار الصناعية لم تستطع كشف أماكنهم فقد كانوا ينتقلون قبل دقائق من وصول أي قوات بحث أمريكية وهو ما دفع أحد القادة العسكريين لوصف صدام بأنه شبح وليس إنسانا وسط حالة فشل استخباراتي غير مسبوق
لكن المشكلة الأكبر بالنسبة للأمريكيين لم تكن صدام بل عدي الذي اعتبروه الأكثر خطورة والأصعب في التتبع بسبب خبرته الكبيرة في التمويه والكمائن
الاختراق الكبير الذي غير مسار الحرب
بعد شهور من المطاردة ظهر اسم واحد قلب الموازين بالكامل أحد أفراد العشيرة المقرّبين من العائلة والذي كان يدخل البيت الذي يقيم فيه عدي وقصي ومصطفى بكل راحة هذا الشخص لم يكن جاسوسا عالميا ولا عميلا مزروعا بل قريب دم تمكن الأمريكيون من استقطابه بشكل أو بآخر ليقدم على واحدة من أخطر عمليات الإبلاغ التي شهدها العراق في تلك المرحلة
ما إن وصل الخبر للقيادة الأمريكية حتى أعلنت حالة استنفار قصوى وتم إرسال قوات خاصة يزيد عددها على مئتي جندي مدججين بكل أنواع الأسلحة إضافة إلى مروحيات أباتشي ودبابات وحول المنزل إلى طوق عسكري كامل رغم تلك القوة الضخمة كان الخوف الأكبر لدى الجنود موجها نحو عدي تحديدا لما عرف عنه من قدرة قتالية غير تقليدية
المعركة التي ما زال العالم يدرسها
بدأ الهجوم بطلب أمريكي للاستسلام لكن الرد كان سريعا ومخالفا لكل التوقعات فقد فتح عدي النار خلال اللحظات الأولى بدقة عالية جعلت القوات تتراجع فورا بعد إصابة عدد من الجنود كانت الصدمة أكبر حين أدركوا أن شدة إطلاق النار لا يمكن أن تصدر من ثلاثة أشخاص فقط ومع ذلك كانوا فقط عدي وقصي ومصطفى ذو الأربع عشرة سنة
استمرت المعركة ساعات طويلة حاول خلالها الأمريكيون الاقتحام مرارا وفشلوا فبدأوا باستخدام أسلحة ثقيلة لحسم الموقف وعلى رأسها صواريخ هيل فاير المخصصة لتحصينات قوية وليس لمنازل مدنية ومع كل ضربة كان البيت ينهار لكن إطلاق النار لم يتوقف بل ازداد عنفا مما وضع القيادة الأمريكية في حالة ارتباك حقيقي
حين نفذ الهجوم الصاروخي الثالث بدا أن القوة داخل المنزل بدأت تضعف ومع انهيار الجدار الرئيسي تمكن الأمريكيون أخيرا من الاقتحام وهناك وجدوا جثث عدي وقصي ومصطفى بعد معركة غير مسبوقة تحدثت تقارير لاحقة عن أن جسد عدي وحده تعرض لأكثر من أربعين إصابة نارية قبل سقوطه
مرحلة الغموض بعد توقف الرصاص
مع توقف الاشتباك لم ينتهِ المشهد بل بدأ فصل جديد من الغموض فقد نقلت الجثث إلى مكان سري لم يتم الإعلان عنه رسميا رغم أن الرواية الرسمية قالت إنها نُقلت إلى قاعدة آمنة للتحقق من الهوية لكن تقارير عديدة أكدت لاحقا أن عملية النقل لم تكن واضحة وأن الجثث لم تُعرض للإعلام بسبب وضعها بعد القصف
بعض التقارير تحدثت عن نقلها إلى منشأة استخباراتية خارج بغداد بينما قالت تقارير أخرى إنها حُفظت في موقع عسكري داخل المطار ولم يعلم أحد لماذا كل هذا التكتم وهل كانت هناك مخاوف من نشر الصور أو من أي ردود فعل شعبية
لكن أكثر ما أثار الجدل أن أحد الضباط الأمريكيين اعترف لاحقا بأنهم لم يرغبوا في نشر شكل الجثث بسبب حالة المنزل التي كانت أشبه بأنقاض مشتعلة وهذا ما جعل الشكوك تتزايد حول ما جرى بعد مقتلهم
الجملة السرية التي عُثر عليها في غرفة عدي
أحد عناصر القوات الأمريكية تحدث لاحقا عن اكتشاف جملة كتبت بحبر سري على جدار غرفة عدي لم تظهر إلا بعد استخدام الأشعة تحت الحمراء وحين قرأتها القوة المسؤولة أمرت بهدم الجدار فورا قبل وصول الإعلام لكن الجملة نفسها ظلت غير معلنة رسميا ويعتقد بعض الباحثين أنها كانت رسالة مشفرة أو عبارة ذات دلالة سياسية كبيرة
مصطفى بعد موت والده أمام عينيه
كان المشهد الأكثر تأثيرا هو ما حدث للطفل مصطفى ابن قصي الذي ظل يقاتل إلى جانب والده وعمه حتى اللحظة الأخيرة وتحدثت وسائل الإعلام عن سلوك غريب صدر عنه خلال الاشتباك وبعده وأصبح أيقونة للمشهد في ذلك الوقت فقد وصفته القنوات بأنه الطفل الذي واجه جيشا كاملا لمدة ساعات
رد فعل صدام حسين على مقتل عدي
أما صدام حسين فقد نطق ثلاث كلمات فقط حين علم بمقتل ابنه ووصفت تلك الكلمات بأنها أثرت في الأرض أكثر من ثلاث قنابل نووية حسب وصف شهود المرحلة وكان لهذه الكلمات أثر كبير في معنويات المقاومة لاحقا لأنها عكست حالة من التحدي المستمر رغم حجم الخسائر
خاتمة النهاية التي بقيت مفتوحة
حتى اليوم يبقى السؤال مطروحا أين ذهبت الجثث تماما ولماذا لم تكشف الولايات المتحدة تفاصيل دقيقة عن طريقة دفنهم أو مكان قبرهم الحقيقي البعض يرى أن الملف أغلق لأسباب استخباراتية بينما يعتقد آخرون أن الغموض كان مقصودا لتجنب أي تبعات مستقبلية لصورة الحدث
في كل الأحوال تبقى نهاية عدي وقصي واحدة من أكثر اللحظات دموية وتأثيرا في حرب العراق وأكثرها إثارة للجدل لأنها لم تكن مجرد عملية عسكرية بل فصل كامل من المواجهة التي تجاوزت حدود السياسة ودخلت إلى عمق تاريخ بلد بأكمله



