طلاب يترنمون بذكرى العبور وتاريخٌ يُروى بالأعلام والأناشيد
بالصور .. شاهد احتفال معهد أنوار الكريم الأزهري الخاص بالذكرى 52 لنصر أكتوبر 1973

في صباحٍ بدا مفعمًا بالحيوية والوقار معًا، احتشد تلاميذ معهد أنوار الكريم الأزهري الابتدائي الخاص في فناء المدرسة لإحياء ذكرى نصر السادس من أكتوبر 1973، مشهد طابور الصباح لم يكن تقليديًا هذا اليوم؛ فقد كان مسرحًا صغيرًا لتاريخٍ كبير: أعلامٌ ترفرف، نغمات النشيد الوطني تعلو، ووجوه أطفالٍ تلمع فيها عيون الفخر.
التجمع بدأ بترتيب الصفوف بانضباط، من قبل مديرة المعهد الأستاذة أسماء عبد المنعم حسنين وكافة المعلمات بالمعهد؛ بينما ارتسمت على وجوه التلاميذ حماسة ظاهرة؛ بعضهم يمسك العلم بكل جدية، وآخرون يرددون الأناشيد التي تعلّموا كلماتها خلال الأيام الماضية، ومع أول نغمة من السلام الوطني، توقف الزمن للحظة أصواتٌ صغيرة لكنها واضحة، تتحد في ترتيلٍ جماعي يحمل طابعًا نقيًا من الانتماء.
أناشيد وطنية تزرع الفخر في الصغار
ترديد الأناشيد الوطنية كان قلب الحفل وروحه؛ الأناشيد التي استعادها الصغار لم تكن مجرد كلمات محفوظة، بل كانت وسيلة تربوية لربط جيل جديد بأحداث مفصلية في تاريخ الوطن، النغمات أخذت تتعالى واحدًا تلو الآخر، ومع كل مقطع ازداد تفاعل الطلاب حركات تلقائية بتناغمٍ بسيط، وابتساماتٍ تعلو الوجه عندما تصل الكلمات إلى مقاطعها المشحونة بالعاطفة.
المعلمات والمعلمون بدورهم لم يكتفوا بالمراقبة؛ بل شاركوا في توجيه الأعداد، وشرحوا معاني بعض العبارات للأطفال بعباراتٍ تناسب أعمارهم، رابطين الأحداث بتاريخ الوطن ومفاهيم الشجاعة والتضحية والكرامة في ذكرى نصر أكتوبر سنة 1973.
أعلام وطقوس بصرية.. تلاميذ في زي الثورة الصغيرة
ووزّعت إدارة المعهد والمعلمين على التلاميذ الأعلام قبل بداية الطابور، فجاء المشهد أكثر بهجةً وألوانًا؛ الأعلام لم تكن زينة فقط؛ بل كانت أداة بصرية تربوية تُذكّر الأطفال بأهمية الوحدة والهوية الوطنية، وتزرع الانتماء للوطن مع رمزية العلم، بعض الفصول أعدّت لوحات فنية صغيرة عُرضت أمام المنصة؛ رسومات تُجسّد دبابةٍ رمزية، أو جنودًا، أو مشاهد من العبور، مرسومة ببساطة طفولية لكنها معبّرة بشكلٍ صادق.
لوحاتٌ فنية شارك فيها التلاميذ بأقلام ألوانهم، وحملت عناوين تعبيرية تضمنت توجيه الشكر لأبطال مصر بالقوات المسلحة تحت عبارة: «شكرًا يا أبطال» و«عاشت مصر حريةً وكبرياءً»، هذه الأعمال أضافت بعدًا إبداعيًا للاحتفال، وجعلت الأطفال يشعرون بأن لهم دورًا في سرد التاريخ، ولو بلوحةٍ صغيرة معلّقة على جدار.
كلمات المعلمين.. زرع انتماء وصقل وعي
اصطفّ المعلمون حول طلابهم، وتناوبوا على إلقاء كلماتٍ قصيرة موجزة، بسيطة في أسلوبها لكنها عميقة في مفهومها، كانت الرسائل تربوية وموجّهة مباشرة للأطفال: عن مفهوم التضحية، عن قيمة الوطن، وعن ضرورة الدراسة والعمل كسبيل لخدمة المجتمع. لم تتجاوز الكلمات زمن الطابور، لكنها حملت أهدافًا واضحة:- زرع بذور الانتماء في ذاتٍ صغيرة، وبناء وعي مبكّر بالجذور التاريخية.
إحدى المعلمات أوضحت للأطفال معنى النصر بلغةٍ مبسطة: «النصر لم يأتِ هدية، بل جاء بعرق الناس وتضحياتهم، ونحن اليوم نحتفل لنُذكّر أن كل واحدٍ منا مسؤول عن وطنه بطريقته»، بينما رحبت معلمة أخرى بأسلوبٍ حيويٍّ جعل الأطفال يشاركونها بالأمثلة الصغيرة عن كيف يمكن لكل واحد منهم أن يخدم وطنه: بالتعلم، بالأمانة، وباحترام الآخرين.
عروض فنية تؤكد أن الذاكرة الجماعية حية
لم يقتصر الاحتفال على الطابور فقط، خلال حفلٍ قصير داخل فناء المعهد، قدّم الطلاب بعض العروض الفنية: أناشيدٍ مجمعة، وبسيطة تحكي مواقف البطولة والتآزر، ولافتات كتب عليها عبارات تقدير لأبطال القوات المسلحة، كانت المشاهد محبوكة بما يتناسب مع أعمار الطلاب للتركيز على القيم والرسائل الإيجابية.
الاستعراضات الفنية لاقت تشجيعًا من أولياء الأمور الذين توافدوا لمتابعة حفل طابور الصباح من أمام بوابات المعهد، فالتفاعل الوجهي بين الأطفال والآباء أعطى الاحتفال دفقة إنسانية، وحوّل الطابور الصباحي إلى مناسبة عائلية صغيرة تحتفي بالتاريخ الوطني.
ما وراء الاحتفال: رسالة تربوية مستمرة
يهدف معهد أنوار الكريم الأزهري من خلال هذا النوع من الفعاليات إلى تحقيق أكثر من مجرد إحياء ذكرى: يسعى إلى ترسيخ منظومة قيمية في نفوس النشء، الاحتفال هنا أداة تعليمية متكاملة:- تربوية وإبداعية ووطنية في آنٍ واحد، وحتى لو كان اليوم مجرد صباح واحد في العام، فإن تكرار مثل هذه الأنشطة يُكسب الأطفال ذاكرةً جماعيةً ستظل تتغذى على الوعي الوطني في مراحل لاحقة من حياتهم.
في نهاية الحفل، صعد الطلاب إلى صفوفهم وهم يحملون شعورًا بسيطًا لكن مهمًا: أنهم جزءٌ من قصةٍ أكبر:- قصة وطنٍ صنعها الأجداد، ويستكملها الأجيال، والمعهد، من جهته، أعاد تذكير المجتمع المحلي أن المدارس ليست مكانًا لتلقين المعارف فحسب، بل هي ورش للسلوك والهوية، حيث تُغرس القيم الوطنية بصورةٍ منهجية ومحبة.
الذكرى انتهت، لكن الأثر يبقى: أنشودة صغيرة في طابور الصباح، لوحة مرسومة بيد طفل، كلمة طيبة من معلم كلها خيوط تُحاك بها الوطنية في القلوب الصغيرة، لتحفظ الذاكرة وتبني المستقبل.











