”إنفيرو ماستر”.. شركة النظافة التي تلمّع الشوارع الرئيسية وتترك حي المرج يغرق في القمامة

في الوقت الذي يترقب فيه المواطنون في حي المرج بالقاهرة تحسن أوضاع النظافة، خاصة مع وجود شركة متخصصة مثل إنفيرو ماستر التي تعاقدت معها المحافظة لتولي مهام رفع القمامة، تتزايد الشكاوى اليومية من قصور واضح في الأداء، خصوصًا في الشوارع الجانبية والأزقة السكنية التي تحولت إلى مكبّات قمامة مفتوحة. بينما يقتصر اهتمام الشركة على الشوارع الرئيسية التي يمر بها كبار المسؤولين والوفود الرسمية، وكأن النظافة أصبحت واجهة شكلية فقط وليست خدمة أساسية للمواطن.
قرارات المحافظ وتجاهل التنفيذ
تحت إشراف محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر، ونائبة المحافظ للمنطقة الشرقية المهندسة منى البطراوي، أُكدت توجيهات بضرورة المرور الميداني والمتابعة المستمرة لمستوى النظافة، وبالفعل، يُشاهد المواطنون سيارات المكنسة الآلية، وتانك المياه، وفرق النظافة في شوارع مثل شارع 6 أكتوبر وكوبري توفيقية وشارع محمد نجيب.
لكن هذه المشاهد – بحسب شهادات الأهالي – لا تتكرر في شوارع جانبية مثل شارع السيراميك أو الأزقة المؤدية إلى قاعة "ليلة"، حيث تتراكم القمامة لأيام طويلة، مهددة الصحة العامة بانتشار الحشرات والروائح الكريهة.
"نظافة انتقائية".. هكذا يصفها المواطنون
يقول أحمد عبد الحميد أحد سكان المرج: "عندما نسمع أن المكنسة الآلية تعمل في حي المرج نشعر بالأمل، لكننا نفاجأ أنها لا تدخل شوارعنا. يقتصر عمل الشركة على الطرق التي يسلكها المسؤولون. أما نحن سكان الشوارع الداخلية، فنعيش وسط القمامة يوميًا."
وتؤكد فاطمة محمد، -اسم مستعارربة منزل: "نضطر لدفع أموال لمتعهدين من الباطن يجمعون القمامة بشكل غير منتظم، وأحيانًا يتركونها مكدسة لأيام. أين دور الشركة التي جاءت لتحل محل هؤلاء المتعهدين؟"
استعانة بالمتعهدين.. عودة للوراء
المفارقة الصادمة أن شركة إنفيرو ماستر التي كان من المفترض أن تنهي عهد المتعهدين القدامى وتوفر منظومة نظافة متكاملة، استعانت بهم مجددًا من الباطن، بل منحتهم صلاحيات وموارد مالية أكبر من السابق.
الأدهى من ذلك – وفق تقارير محلية – أن بعض هؤلاء المتعهدين يستخدمون عمالة أطفال بلا أي غطاء اجتماعي أو صحي، في مخالفة صريحة للقانون وحقوق الإنسان. وهو ما يكشف خللاً خطيراً في الرقابة على الشركة وآليات عملها.
تلميع الواجهة فقط
من يتجول في شوارع المرج الرئيسية سيظن للوهلة الأولى أن الأمور تحت السيطرة: سيارات حديثة، عمال يرتدون الزي الرسمي، ورفع فوري للتراكمات في نقاط محددة. لكن التعمق في الحارات الداخلية يكشف صورة مغايرة: أكوام قمامة، حفر مليئة بمخلفات الطعام، وانتشار الروائح التي تجبر الأهالي على إغلاق نوافذ منازلهم معظم الوقت.
يقول أحد الأهالي بسخرية: "إنفيرو ماستر جاءت لتلمّع الواجهة فقط. نحن في الداخل خارج حساباتهم."
الصحة العامة على المحك
المشكلة لم تعد مجرد مظهر جمالي. تكدس القمامة في الشوارع الجانبية تسبب في:
-
انتشار القوارض والحشرات.
-
معاناة مرضى الربو والحساسية بسبب الروائح.
-
خطر انسداد شبكات الصرف نتيجة إلقاء المخلفات في فتحات المياه.
-
تحول بعض الأكوام إلى بؤر للحرق العشوائي ما يزيد تلوث الهواء.
وتحذر جمعيات بيئية من أن استمرار الوضع قد يؤدي إلى كارثة صحية خاصة مع موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
مسؤولية متبادلة.. وأزمة ثقة
يرى خبراء أن الأزمة ليست في الشركة وحدها، بل في ضعف الرقابة والمتابعة. فبينما تُرفع تقارير يومية عن أعمال النظافة في الشوارع الرئيسية، لا تصل معاناة سكان الأزقة الخلفية إلى المسؤولين. وهو ما يخلق فجوة ثقة كبيرة بين المواطن والسلطات المحلية.
يقول الخبير البيئي الدكتور أحمد الجمل: "الاعتماد على حملات دعائية في الشوارع الرئيسية لن يحل الأزمة. المطلوب هو خطة شاملة تشمل الجمع السكني المنتظم، وفرز المخلفات من المنبع، وتوفير عقود عمل وتأمين صحي للعمال."
مطالب الأهالي: "المساواة في الخدمة"
يطالب أهالي المرج بإنهاء سياسة "النظافة الانتقائية" وإعادة النظر في أداء شركة إنفيرو ماستر. فالمواطنون يدفعون رسوم نظافة في فواتير الكهرباء والمياه، ومن حقهم الحصول على خدمة حقيقية، لا مجرد مشهد تجميلي أمام عدسات الكاميرات.
إلى أين يتجه ملف النظافة في القاهرة؟
الأزمة في المرج ليست استثناءً. فالكثير من أحياء القاهرة تشهد تفاوتًا بين الشوارع الرئيسية والجانبية في مستوى النظافة. ويخشى خبراء أن يؤدي ذلك إلى تآكل ثقة المواطنين في الشركات الجديدة، مما يعيد ملف النظافة إلى المربع صفر رغم الأموال الضخمة التي تنفقها الدولة.
المطلوب الآن – بحسب متابعين – ليس تغيير الشركات كل مرة، بل فرض رقابة صارمة وشفافة، ومحاسبة حقيقية على القصور، مع إشراك المجتمع المحلي في الرقابة الشعبية عبر لجان أحياء تتابع وتوثق الوضع على الأرض.
الخلاصة
بينما يلتقط المسؤولون الصور التذكارية أمام شوارع نظيفة مُعَدّة بعناية، يعيش مواطنو المرج واقعًا مغايرًا، حيث تتحول الأزقة إلى مكبّات قمامة يومية. إنفيرو ماستر التي جاءت لتكون الحل، صارت جزءًا من المشكلة.
ويبقى السؤال: هل تتحرك الأجهزة الرقابية لإصلاح الخلل، أم يظل المشهد محصورًا في تجميل الواجهة وترك المواطن يواجه أزماته منفردًا؟
إنفيرو ماستر، شركة إنفيرو ماستر للنظافة، فشل منظومة النظافة في المرج، شوارع المرج، القمامة في القاهرة، أزمة النظافة في القاهرة، متعهدو جمع القمامة، عمالة أطفال في النظافة، قصور شركات النظافة بالقاهرة، الإهمال البيئي في المرج، شكاوى سكان المرج، شوارع جانبية المرج، فساد شركات النظافة.