التزييف العميق في مصر: بين البلاغات القانونية وأزمة الثقة الرقمية
فيديو هدير عبدالرازق في عيادة الدكتور .. مقطع يثير الجدل بعد تسريبات أوتاكا «ما القصة؟»

بلاغ رسمي ضد فيديوهات مزيفة .. شهدت الساحة المصرية خلال الأسابيع الأخيرة جدلًا واسعًا بعد إعلان البلوجر هدير عبد الرازق عبر محاميها عن تقديم سلسلة من البلاغات إلى النيابة العامة، متهمةً عددًا من المواقع الإلكترونية وحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي بتداول مقاطع فيديو مفبركة جرى توليدها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، منها ما تردد تحت عنوان فيديو هدير عبدالرازق في عيادة الدكتور.
البلاغ الذي حمل رقم 1316230 عرائض النائب العام يخضع حاليًا للتحقيق أمام نيابة الشؤون المالية وغسل الأموال، حيث صنّف فريق الدفاع هذه الفيديوهات ضمن جرائم التزييف الرقمي والتشهير، معتبرًا أنها تمثل اعتداءً مباشرًا على الخصوصية والسمعة.
المحامي أوضح أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تركيب الصور والمقاطع وربطها ببيانات شخصية يمثل انتهاكًا صريحًا لقوانين تقنية المعلومات والإعلام في مصر، خاصة إذا تضمن المحتوى طابعًا منافٍ للآداب العامة أو استُخدم كسلاح لتصفية الحسابات الاجتماعية والشخصية.
العائلة ترد: استهداف متكرر وتشويه متعمد
على خلفية هذا الجدل، خرج محمد عبد الرازق والد هدير، مؤكدًا أن الفيديوهات محل الأزمة مزيفة بالكامل، وأنها صُنعت بتقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف الإساءة لابنته. وأبدى الأب استياءه من تكرار حملات التشويه التي تستهدف الأسرة، مشيرًا إلى أن العائلة فوّضت محاميها لمتابعة القضية حتى النهاية وملاحقة كل من يساهم في تداول أو نشر هذه المقاطع.
فيديو هدير عبدالرازق في عيادة الدكتور .. بحسب تصريحات الأسرة، فإن الأزمة الحالية ليست الأولى، حيث سبق أن تعرضت هدير لهجوم واسع على مواقع التواصل بسبب مقاطع مثيرة للجدل نُسبت إليها في أوقات سابقة، ما جعلها في مرمى الانتقادات والاتهامات المتكررة.
تصاعد الجدل مع قضايا أخرى
تزامن هذا الجدل مع قضايا موازية أثارت الرأي العام، أبرزها التحقيقات الجارية مع محمد أوتاكا، الذي يواجه اتهامات متعلقة بنشر محتوى خادش للحياء، إلى جانب اتهامات أخرى تخص المخدرات. هذا التزامن جعل القضية أكثر تشابكًا وأعاد فتح ملفات سابقة مرتبطة بخلافات شخصية بين الطرفين، خاصة بعد تداول أخبار عن نزاعات سابقة وحوادث مثيرة للجدل في السنوات الأخيرة.
من بلوجر للجمال إلى شخصية مثيرة للجدل
منذ بدايتها على منصات التواصل الاجتماعي، عُرفت هدير عبد الرازق كمدونة تهتم بمجالات التجميل والعناية بالبشرة، قبل أن تتحول إلى شخصية عامة تحيط بها دوائر الجدل. ففي عام 2024، ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليها بتهم تتعلق بنشر مقاطع وُصفت بأنها مخالفة للقيم المجتمعية. هذه الواقعة فتحت باب النقاش حول دور البلوجرز في صناعة المحتوى وأثرهم على قيم المجتمع المصري.
وفي يناير 2025، تصدرت مجددًا عناوين الأخبار بعد أزمة مع أوتاكا، حيث اتُهمت حينها باحتجازه داخل منزلها بالتجمع الخامس بسبب نزاع على مقاطع فيديو، قبل أن يتم التصالح بينهما. ورغم انتهاء تلك الواقعة، فإنها ألقت بظلالها على سمعتها، وجعلتها أكثر عرضة للجدل في الفضاء الرقمي.
التزييف العميق: سلاح العصر الرقمي
بعيدًا عن الأشخاص، تمثل هذه الأزمة جزءًا من ظاهرة عالمية تعرف بـ التزييف العميق (Deepfake)، وهي تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقاطع وصور مزيفة يصعب التمييز بينها وبين الحقيقة. هذه المقاطع باتت تهدد الأمن الرقمي للأفراد، حيث يمكن استخدامها في:
-
تشويه السمعة والتشهير.
-
الابتزاز الإلكتروني والضغط النفسي.
-
نشر الشائعات التي قد تؤثر على الرأي العام.
-
تزييف الأخبار بما يربك المشهد الإعلامي.
وتشير تقارير دولية إلى أن نسبة المقاطع المفبركة عبر الذكاء الاصطناعي تضاعفت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وأغلبها يستهدف شخصيات عامة أو مؤثرة على مواقع التواصل.
الأبعاد القانونية في مصر
القانون المصري يجرّم بوضوح مثل هذه الأفعال عبر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي يعاقب على:
-
نشر محتوى مزيف يضر بالاعتبار أو السمعة.
-
استخدام بيانات شخصية في محتوى غير مشروع.
-
التلاعب الرقمي بالمقاطع والصور وربطها بأشخاص حقيقيين.
كما نصت التشريعات الحديثة على تغليظ العقوبات المتعلقة بالتشهير والاعتداء على الخصوصية، لتصل إلى السجن والغرامة الكبيرة، وهو ما يجعل هذه القضايا محل متابعة دقيقة من النيابة العامة.
الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي
الأزمة تفتح الباب أمام سؤال جوهري: كيف يمكن حماية الخصوصية في عصر تُصنّع فيه الصور والمقاطع خلال دقائق عبر تقنيات مفتوحة المصدر؟
الخبراء يرون أن المواجهة تتطلب:
-
تطوير تشريعات أكثر دقة تواكب سرعة التطور التكنولوجي.
-
رفع وعي المستخدمين بخطورة تداول المحتوى غير الموثوق.
-
استثمار المؤسسات الإعلامية في أدوات كشف التزييف العميق.
-
تعاون دولي لملاحقة الجرائم العابرة للحدود الرقمية.
ما بين الرأي العام والعدالة الرقمية
القضية لا تزال قيد التحقيق، لكن ما هو مؤكد أن المجتمع المصري يعيش لحظة فارقة مع انتشار التزييف الرقمي. فبينما يرى البعض أن هذه الأزمات مجرد انعكاس لجدل اجتماعي حول "المحتوى المثير"، يحذر آخرون من خطورة ترك هذه الظاهرة دون رادع، لما تحمله من تهديدات مباشرة للأمن القومي الرقمي وللنسيج الاجتماعي.
سواء كانت الأزمة الراهنة مرتبطة بشخصية بعينها أم لا، فإنها تمثل ناقوس خطر يذكّر الجميع بأننا أمام مرحلة جديدة من الحروب الرقمية، حيث لم يعد بالإمكان الوثوق بما نراه على الشاشات دون تدقيق. التزييف العميق أصبح سلاحًا خطيرًا، ومواجهته تستلزم وعيًا جماعيًا، وتشريعات رادعة، وأدوات تقنية متطورة.
هدير عبد الرازق في عيادة الدكتور، الفيديوهات المفبركة، الذكاء الاصطناعي، فيديو مفبرك، هدير عبد الرازق، القانون المصري، الخصوصية الرقمية، جرائم تقنية المعلومات، بلاغ النائب العام، مقاطع مزيفة،