العرب 24
جريدة العرب 24

كيف تتغلّبين على الجوع العاطفي بطريقة ذكية وصحية

مواجهة الجوع العاطفي
-

الجوع العاطفي، في لحظات التوتر أو الحزن أو الوحدة، قد تجدين نفسك تتجهين نحو الطعام دون شعور بالجوع الحقيقي، وكأن قطعة الشوكولاتة أو كيس الشيبسي يحملان الدواء لكل ما يؤلمك.

هذه الحالة تُعرف بـ "الجوع العاطفي" — وهي واحدة من أكثر الظواهر انتشارًا بين النساء، خاصة في فترات الضغوط النفسية، أو بعد المرور بتجارب مؤلمة.
لكن التعامل الذكي مع الجوع العاطفي لا يكون بالحرمان أو القسوة على النفس، بل بالفهم والوعي والبدائل الصحية التي تشبع الجسد والنفس معًا.

وفي التقرير التالي نستعرض المقصود بالجوع العاطفي، وطرق السيطرة عليه، وفقًا لموقع OnlyMyHealth.

أولًا: ما هو الجوع العاطفي؟

الجوع العاطفي

الجوع العاطفي هو رغبة مفاجئة وشديدة في تناول الطعام، لا ترتبط بحاجة الجسم إلى الطاقة، بل بالحالة النفسية والمزاجية.

فعندما نشعر بالحزن، القلق، أو الملل، يبحث العقل عن وسيلة سريعة تمنحنا شعورًا بالراحة، فيجد في الأكل — خاصة السكريات والكربوهيدرات — مصدرًا فوريًا للدوبامين، وهو هرمون السعادة المؤقتة.

لكن بعد دقائق من تناول الطعام، يختفي الشعور الجيد ويبدأ الإحساس بالندم أو الثقل أو فقدان السيطرة، مما يزيد من الدائرة السلبية.


ثانيًا: الفارق بين الجوع الجسدي والجوع العاطفي

لكي تتغلبي على الجوع العاطفي، عليك أولًا التفرقة بين نوعي الجوع:

الجوع الجسدي،
يأتي تدريجيًا
يمكن تأجيله لبعض الوقت
يُشبع بأي طعام متاح
تشعرين بالرضا بعد الأكل
يصدر من المعدة

أما الجوع العاطفي
يظهر فجأة
يحتاج لإشباع فوري
يطلب نوعًا محددًا (شوكولاتة، بيتزا..)
تشعرين بالذنب أو الثقل
يصدر من الرأس أو القلب

عندما تتدربين على ملاحظة الفرق، ستبدئين في استعادة السيطرة على اختياراتك الغذائية ومشاعرك معًا.

ثالثًا: الأسباب النفسية للجوع العاطفي

أسباب الجوع العاطفي

يحدث الجوع العاطفي لأسباب عميقة، منها:

الكبت العاطفي: عندما لا تعبّرين عن مشاعرك خوفًا من الرفض أو المواجهة، يلجأ جسدك للطعام كتعويض.

الملل والفراغ: غياب الأنشطة الممتعة يجعل الأكل وسيلة لملء الوقت.

الضغوط اليومية: العمل، المسؤوليات، أو العلاقات المرهقة تدفعك إلى البحث عن مكافأة سريعة.

الحرمان العاطفي: غياب الاهتمام أو الدعم من الآخرين يجعلك تلجئين للطعام كبديل عن الحنان.

العادة: أحيانًا يتحول الأكل أثناء التوتر إلى سلوك مكتسب، يتكرر تلقائيًا دون وعي.

رابعًا: خطوات نفسية ذكية للتغلب على الجوع العاطفي

1. راقبي مشاعرك بدلًا من قمعها

عندما ترغبين في الأكل، اسألي نفسك:

“هل أنا جائعة فعلًا؟ أم أشعر بالملل؟ أم بالحزن؟”
اكتبي مشاعرك في ورقة أو على الموبايل. هذا الفعل البسيط يقلل من اندفاعك ويزيد وعيك بنفسك.

2. بدّلي الاستجابة

بدلًا من الأكل، جرّبي نشاطًا آخر يريحك نفسيًا:

خذي نفسًا عميقًا من البطن لخمس مرات.

اخرجي للمشي أو اجلسي في شرفة المنزل.

استمعي لموسيقى هادئة أو قرآن بصوت تحبينه.

اتصلي بصديقة مقربة وتحدثي عن ما يزعجك.

هذه الخطوات تُشبع الحاجة العاطفية من دون اللجوء للطعام.

3. سامحي نفسك عند التراجع

من الطبيعي أن تفقدي السيطرة أحيانًا، لكن لا تجلدي نفسك. تذكري أن الوعي رحلة وليست سباقًا. كل مرة تتعلمين منها أكثر.

4. اعملي على الجذر وليس العرض

اسألي نفسك: ما الذي يجعلني أحتاج إلى الأكل لأشعر بالأمان؟
هل هو الشعور بالوحدة؟ أو نقص التقدير؟ أو تراكم الضغوط؟
كلما عرفتِ السبب الحقيقي، أصبح التعامل معه أسهل وأكثر عمقًا.

خامسًا: نصائح تغذوية لمواجهة الجوع العاطفي

1. نظّمي وجباتك اليومية

عندما تجوعين فعلًا لأنك لم تأكلي بما يكفي، يختلط الجوع الجسدي بالعاطفي. لذلك احرصي على تناول 3 وجبات متوازنة يوميًا مع وجبتين خفيفتين، تتضمن:

بروتين (بيض، تونة، دجاج مشوي).

خضروات وألياف تشبع المعدة.

كربوهيدرات صحية (شوفان، بطاطا، أرز بني).

كمية كافية من الماء (8 أكواب يوميًا على الأقل).

2. احذري من السكريات البسيطة

الحلوى والمخبوزات البيضاء ترفع السكر في الدم بسرعة ثم تهبط فجأة، مما يزيد الرغبة في الأكل أكثر.
استبدليها بالفاكهة أو القليل من الشوكولاتة الداكنة.

3. تناولي أطعمة ترفع المزاج طبيعيًا

بعض الأطعمة تفرز هرمونات السعادة بشكل صحي، مثل:

الموز، لاحتوائه على التريبتوفان.

المكسرات النيئة.

الشوفان.

الأسماك الدهنية الغنية بالأوميجا-3.

4. اشربي الماء قبل الأكل

في أوقات كثيرة نخلط بين الجوع والعطش. اشربي كوب ماء وانتظري عشر دقائق قبل تناول أي طعام.

5. احترمي طقوس الأكل الواعي

اجلسي على الطاولة.

تناولي الطعام ببطء وبدون مشتتات (تلفزيون أو هاتف).

لاحظي الطعم والرائحة والملمس.
هذا التدريب يجعلك تتصلين بجسدك وتعرفين متى شبعتِ فعلًا.

سادسًا: كيف تبنين علاقة صحية مع الطعام؟

العلاقة الصحية مع الطعام تبدأ من النية:
أن يكون الأكل وسيلة للعناية بالجسد لا للهروب من المشاعر.
تعاملي مع وجباتك كطقس حب لنفسك، وليس كعقاب أو مكافأة.
احترمي جسدك وقدّريه، فكلما ازداد تقديرك له، قلّت حاجتك لتعويض الحب عبر الطعام.

سابعًا: تمرين عملي لتقوية الوعي الذاتي

كل مرة تشعرين برغبة في الأكل دون جوع حقيقي، اكتبي في مذكرتك:

ماذا أشعر الآن؟

ما الذي أحتاجه فعلًا؟ (راحة؟ دعم؟ نوم؟ حضن؟)

ما أفضل طريقة لتلبية هذا الاحتياج بدون طعام؟
كرّري هذا التمرين أسبوعيًا وستلاحظين أن الجوع العاطفي بدأ يهدأ تدريجيًا.

التغلب على الجوع العاطفي لا يعني السيطرة على الشهية فقط، بل هو رحلة وعي وشفاء داخلي.
حين تتصالحين مع مشاعرك وتتعلمين التعبير عنها، لن تحتاجي بعد اليوم إلى إخمادها بالطعام.
كوني صديقة لنفسك، وامنحيها ما تحتاجه من حب واهتمام وهدوء — فالجسد لا يطلب الطعام فقط، بل يطلب أن يُفهم ويُحتوى.

و