«المقاومة تظل على موقفها» .. لماذا يرفض البعض خطة ترامب وما خيارات الفلسطينيين؟

تصريح حاد وصريح خرج مؤخرًا في فضاء النقاش الفلسطيني والدولي: «المقاومة تظل على موقفها حتى لو تخلى عنها من تخلى كما هو الواقع»؛ الجملة تختزل حالة من الغضب والارتباك التي يعيشها قطاع واسع من الفلسطينيين بعد طرح «خطة» دولية - وصفها كثيرون بـ«غير العادلة»- وتفتح أسئلة أساسية: هل القبول بالخطة حماية للشعب أم استسلام يشرعن تغييرات جوهرية في مستقبل القضية الفلسطينية؟ وما البدائل الممكنة أمام فصائل المقاومة والجمهور المدني؟
ما الذي يرفضه المتحدثون؟
النقطة المحورية في الانتقاد تتمحور حول أن الخطة تضع شروطًا قاسية: نزع سلاح حماس، استبعادها من أي إدارة مدنية مستقبلية في غزة، وربط إعادة الإعمار بشروط أمنية وسياسية، بالنسبة للمتحدثين الرافضين، يعني ذلك ـ عمليًا ـ إعادة توزيع السلطة بالقوة، وشرعنة قيود تحد من حق الشعب الفلسطيني في الاختيار السياسي وتفرض ترتيبات قد تُنهي حضورًا لفصائل لها قواعد شعبية واسعة.
المقاومة: خيار الاستمرار أم طريق لا رجعة فيه؟
العبارة «إن استطعتم المقاومة فاستمروا» تعبّر عن منطق مزدوج: جانب مبدئي يرى أن الاستسلام المسبق يُسلب الحق والكرامة، وجانب عملي يخشى من أن نزع السلاح وتسليم الملفات الأمنية سيؤدّيان إلى مزيد من الانقضاضات على الحقوق؛ في المقابل، ثمة قلق واضح من ثمن المقاومة على المدنيين إذا استؤنفت العمليات بينما الظروف ميدانية وإنسانية صعبة.
التردّد الشعبي: بين الرفض والخوف والتوجّه للمفاوضة
الشارع الفلسطيني منقسم: فئة ترى أن القبول بالخطة مقابل وعود إعادة الإعمار وعودة المهجّرين قد يبدو عمليًا في ظل مأساة إنسانية، وفئة أخرى تعتبر تداول «وعود» كهذه خدعة سبق أن جُرّب فيها الشعب مرارًا (ذكرى النكبة وحق العودة عام 1948)، هذا الانقسام يضع القيادات في مأزق: قبَول قد يُسهِم في إنهاء معاناة آنية لكنه قد يفتح بابًا لانتكاسات سياسية طويلة، ورفض قد يُطيل المعاناة الإنسانية ويزيد المخاطر الأمنية.
مخاطر «الاستسلام مقابل وعود»
المتحدث انتقد أيضًا فكرة «العودة» و«التعهدات» باعتبارها مفاهيم قابلة للالتفاف أو التأجيل. عمليًا، ربط إعادة الإعمار أو العودة بشروط سياسية/أمنية قد يضع الفلسطينيين أمام معادلة مؤذية: إعادة إعمار مشروطة بتفكيك قوة شعبية أو التخلي عن مطالب أساسية، وهذا في نظر كثيرين ليس حلًا بل تبديدًا لحقوق أساسية.
خيار «المقاومة رغم التخلي»: قراءة استراتيجية
المقاومة التي تصر على موقفها «حتى لو تخلّى عنها من تخلى» تعكس استراتيجية بالغة الوضوح: عدم الرضوخ لشروط تنزع عن الشعب الفلسطيني أدواته السياسية أو العسكرية قبل ضمانات حقيقية؛ هذه الاستراتيجية قد تُبقي على قدر من القدرة التفاوضية والضغط الشعبي، لكنها في الوقت نفسه تُحمّل المدنيين ثمناً باهظاً إذا أسفرت عن تمديد القتال أو حصار أطول.
ماذا عن بدائل سياسية وقانونية؟
المعركة ليست محصورة بين القبول بالعرض أو الاستمرار في القتال. هناك مسارات وسيطة يقترحها محلّلون ودبلوماسيون:
-
تأمين هدنة إنسانية متدرجة تسبق أي تفاوض، مع آليات رقابية دولية واضحة وملزمة.
-
ضمانات دولية قابلة للتنفيذ تُثبت استمرارية الحقوق (مثل آليات تمويل مستقل لإعادة الإعمار ووقف أي إجراءات تؤدي إلى تهجير دائم).
-
مفاوضات متعددة الأطراف تشمل الجامعة العربية والأمم المتحدة والفاعلين الإقليميين لضمان توازن الضغوط وعدم فرض شروط أحادية.
مخاطر المحور الأحادي: لماذا يخشى الفلسطينيون التحويل الأحادي للسلطة؟
الرفض الشعبي للخطة يعود جزئياً إلى خوف من «تفريغ القضية» من مضمونها السياسي عبر حلول تقنية أو إدارية تُقدَّم كحلول سريعة، إسقاط دور فصائل لها حضور شعبي دون إطار سياسي بديل يقود إلى فراغ إداري واجتماعي قد يستغله طرف ثالث لملء الفراغ بشروط صعبة على المدى الطويل.
معضلة الحاضر وخيارات المستقبل
الجملة «المقاومة تظل على موقفها حتى لو تخلى عنها من تخلى» تعبّر عن مزاج شعبي وموقف سياسي لا يبتعد كثيرًا عن إحساس تاريخي بالمرارة من وعودٍ سابقة؛ لكنها في الوقت نفسه تحمل تحديًا عمليًا: كيف تُحمى المدنيين وتُؤمَّن الحقوق الوطنية دون أن تُقحم الأمة في فخ مأساوي؟ حلّ هذه المعضلة يحتاج لمزيج من الضغوط الدبلوماسية، وحماية إنسانية عاجلة، واستراتيجيات تفاوضية تُقرن بآليات تنفيذية دولية قابلة للقياس والمحاسبة.
خطة ترامب، المقاومة الفلسطينية، نزع سلاح حماس، رفض الخطة، وقف النار في غزة، إعادة الإعمار، حق العودة، الموقف الفلسطيني، فصائل المقاومة، الضغوط الدولية، بدائل سياسية لغزة.