تفاصيل عملية الاغتيال وتداعياتها على المقاومة الفلسطينية
ما هي وصية أبو عبيدة؟ .. نكشف تفاصيل المجزرة التي قتلت الملثم مع عشرات الأطفال والنساء

شهد قطاع غزة ليلة دامية بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي اغتيال المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في عملية وُصفت من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأنها "إنجاز أمني نوعي"، العملية التي نُفذت شمال غزة، في حي الرمال، استهدفت المنزل الذي كان يتواجد فيه أبو عبيدة مع عائلته، وأسفرت عن استشهاده وزوجته وطفليه ليان ويَمام.
في المقابل، عمّت موجة حزن عارمة شوارع غزة مع إعلان الخبر، حيث علت أصوات التكبير وذرفت الدموع، وخرجت مسيرات غاضبة في مختلف المخيمات والمدن الفلسطينية، فيما وصفت كتائب القسام الحادث بأنه "اغتيال لقائد ورمز من رموز المقاومة".
من هو أبو عبيدة؟
يُعد أبو عبيدة أحد أبرز رموز المقاومة الفلسطينية في العقود الأخيرة. رغم أن صورته لم تكن معروفة للجمهور، إلا أن صوته الحازم ورسائله القوية جعلت اسمه مرادفًا للثبات والتحدي. أكثر من 20 عامًا قضاها ناطقًا باسم كتائب القسام، مخاطبًا الفلسطينيين والعرب بلغة واثقة وصادقة.
المقربون منه وصفوه بأنه شديد في الميدان، لكنه رقيق في حياته الخاصة، كريم القلب قريب من الناس. عاش في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وينحدر من بلدة نعليا المهجرة، وكان رمزًا لصوت المقاومة الذي أربك حسابات الاحتلال الإسرائيلي لسنوات طويلة.
عمليات الاغتيال الفاشلة ومحاولة تصفيته
لم يكن استهداف أبو عبيدة وليد اللحظة؛ إذ حاولت إسرائيل اغتياله عدة مرات في أعوام 2008، 2012، و2014، لكنها فشلت في ذلك. وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، فقد كان يمثل "هدفًا معقدًا" لقدرته على التخفي، وقيادته الإعلامية للحرب النفسية ضد الاحتلال.
رئيس الأركان الإسرائيلي، أيال زمير، عقد اجتماعًا طارئًا عقب العملية، مؤكدًا أن هذه الضربة تمثل "أكبر إنجاز أمني منذ سنوات"، في إشارة إلى حجم الأهمية الاستراتيجية التي توليها تل أبيب لهذا الاغتيال.
شهادات من غزة: الحزن يتجاوز الحدود
قال أحد رفاقه: "استشهاد أبو عبيدة ليس مجرد فقدان لشخص، بل هو غياب لرمز ارتبطت به ذاكرة جيل كامل، صوته كان يهز إسرائيل ويُلهم الملايين، واليوم رحل لكنه ترك إرثًا سيبقى في كل بيت فلسطيني وعربي."
شهادات المقربين أكدت أن القائد كان حاضرًا بين الناس حتى اللحظة الأخيرة، وأن كل محاولات خصومه للتشكيك في مكان وجوده أو اتهامه بالعيش خارج غزة قد سقطت مع استشهاده داخل منزله برفقة عائلته.
ردود الفعل العربية والإسلامية: غضب وانتقاد للصمت
الحدث أثار موجة من الغضب في الشارع العربي والإسلامي، لكنّه كشف أيضًا عن حالة صمت وتراخٍ رسمي وشعبي في العديد من الدول الإسلامية.
قال أحد الناشطين:
"العالم الإسلامي صمت صمتًا قذرًا، تركوا غزة تقاتل وحدها، تجوع وحدها، وتواجه آلة الحرب وحدها. أبو عبيدة قالها صراحة: أنتم خصومنا أمام الله."
هذا التصريح الأخير لأبو عبيدة في خطابه الأخير قبل استشهاده شكّل صرخة تحذير، عبّر فيها عن خيبة الأمل من تراجع الدعم الشعبي العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية.
الرواية الإسرائيلية: "إنجاز أمني" ورسالة ردع
على الجانب الآخر، وصفت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية العملية بأنها "ضربة موجعة لقيادة حماس". وصرح متحدث باسم الجيش:
"لقد استهدفنا أبو عبيدة بعد متابعة استخباراتية دقيقة استمرت سنوات، غيابه يمثل ضربة قاسية لقيادة حماس ولن يكون أحد في مأمن."
الاحتلال اعتبر اغتياله رسالة ردع موجّهة إلى قيادات المقاومة، مؤكدًا أن يد إسرائيل "تصل إلى كل مكان".
ماذا بعد اغتيال أبو عبيدة؟
اغتيال أبو عبيدة يفتح باب التساؤلات حول مستقبل الخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية، إذ كان رمزًا مؤثرًا في الحرب النفسية والسياسية.
يرى محللون أن رحيله قد يشكل فراغًا مؤقتًا، لكن حركة حماس أعلنت أنها تمتلك كوادر مؤهلة لمواصلة الرسالة، مشيرة إلى أن دماءه "ستكون وقودًا لجولة جديدة من المقاومة".
البعد الإنساني للفاجعة
استشهاد زوجته وطفليه معًا أضفى على الحادثة بعدًا إنسانيًا عميقًا. الصور التي خرجت من حي الرمال كشفت عن حجم المأساة، حيث تحولت لحظة الاستهداف إلى مأتم عائلي.
قال أحد جيرانه: "لم يكن قائدًا فقط، كان أبًا حنونًا، ورجلًا بسيطًا يعيش بيننا بلا حراسة مشددة، يشتري حاجياته بنفسه، ويجلس بين الأطفال في الحي."
تأثير استشهاد أبو عبيدة على الداخل الإسرائيلي
رغم الاحتفاء الرسمي الإسرائيلي، حذر بعض الخبراء من أن العملية قد تؤدي إلى تصعيد جديد في غزة، حيث يتوقع أن تتسع ردود المقاومة الانتقامية، وربما تؤدي إلى جولة عنف جديدة في سبتمبر 2025.
الإرث الذي تركه أبو عبيدة
على مدى عقدين من الزمن، أصبح أبو عبيدة رمزًا للصمود الفلسطيني. رسائله الصوتية كانت تبث الرعب في نفوس الاحتلال، وتمنح الأمل للملايين في المخيمات والشتات.
اليوم، ومع رحيله، يرى الفلسطينيون أن صوت المقاومة لن يصمت، وأن الدماء التي سالت ستبقى دافعًا لمواصلة الطريق.
رحيل أبو عبيدة يمثل منعطفًا تاريخيًا في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. فهو ليس مجرد قائد ميداني، بل أيقونة إعلامية وسياسية وعسكرية شكلت وعي جيل كامل. وبينما تحتفل إسرائيل بما تسميه "إنجازًا أمنيًا"، يعيش الفلسطينيون والعرب مشاعر الغضب والحزن، وسط دعوات لردّ أقوى ووحدة موقف إسلامي حقيقي.
استشهاد أبو عبيدة، اغتيال المتحدث باسم كتائب القسام، عملية اغتيال حي الرمال غزة، الاحتلال الإسرائيلي، المقاومة الفلسطينية، ردود الفعل العربية، كتائب القسام، اغتيال قادة حماس، أخبار غزة 2025، الحرب في فلسطين.