العرب 24
العرب 24

انشقاق كبير الزيدية في صعدة .. صراع خفي يهدد حكم عبد الملك الحوثي

كبير الزيدية والحوثي
دعاء مكرم عبد اللطيف -

معارك صامتة خلف الجبال .. في أعماق جبال صعدة، المعقل التاريخي للحوثيين، لا يتردد صدى القذائف وحده، بل تتردد أصداء صراع خفي أكثر تعقيداً وخطورة؛ هنا، لا تدور المعركة على الجبهات فقط، بل في أروقة السلطة الدينية، حيث تتقاطع السياسة بالمذهب، وتشتبك الولاءات القديمة مع الطموحات الجديدة.

بداية الصراع: من هو "كبير الزيدية"؟

ظهر في واجهة هذا الصراع رجل دين يمني يُلقب بـ"كبير الزيدية"، وهو محمد عبدالله عوض المؤيدي، وريث إرث علمي وديني عريق يمتد لعقود. المؤيدي، المنحدر من منطقة ضحيان، يمثل امتدادًا لمدرسة والده الروحي مجد الدين المؤيدي، أحد أبرز أعلام الطائفة الزيدية التقليدية. هذه المرجعية استخدمها الحوثيون في بدايات مشروعهم، لكنهم اليوم متهمون بـ"الانحراف" عنها لصالح فكر اثني عشري مدعوم من إيران.

مران مقابل ضحيان: صراع النفوذ والشرعية

يقف زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في مواجهة هذا التحدي من مركز قيادته في مران، مستندًا إلى الدعم العسكري الإيراني وقوة الميليشيات. في المقابل، يحظى المؤيدي بقاعدة اجتماعية واسعة، وشرعية دينية متجذرة في المجتمع الزيدي، ما يجعله خصماً ذا تأثير روحي يتجاوز حدود صعدة.

تصعيد خفي: القمع تحت ستار "الجهاد في فلسطين"

خلال الأشهر الماضية، شهدت صعدة سلسلة من الإجراءات ضد أتباع المؤيدي، شملت إغلاق مدارس ومساجد، واعتقال ما لا يقل عن 20 عالماً دينياً في ديسمبر 2023. بررت الجماعة هذه التحركات بأنها تستهدف "المثبطين" عن القتال، خاصة في ظل تصاعد الحرب المرتبطة بالقضية الفلسطينية. لكن مراقبين يؤكدون أن هذا الخطاب ليس سوى ستار يخفي مخاوف الحوثيين من فقدان الشرعية الدينية أمام تيار المؤيدي.

شهادات من الداخل

يقول أحد أتباع المؤيدي، مفضلاً عدم الكشف عن هويته:

"الحوثي يستخدم الزيدية كغطاء، لكنه يعيد تشكيلها وفق أجندة إيرانية".

ويضيف باحث يمني في شؤون الجماعات الدينية:

"إغلاق المراكز الدينية ليس تحدياً لغزة، بل هو محاولة يائسة للإبقاء على وهم الزعامة الدينية في صعدة".

الجذور التاريخية للصراع

لا يمكن فهم هذا الانشقاق دون العودة إلى جذوره في سبعينيات القرن الماضي، حين تنافس بدر الدين الحوثي، مؤسس المشروع الحوثي، مع مجد الدين المؤيدي على زعامة الطائفة الزيدية. ذلك الصراع الفكري لم يُحسم تمامًا، بل انتقل الآن إلى الجيل التالي: عبدالملك الحوثي في مواجهة محمد المؤيدي.

دعم إيران: قوة عسكرية بلا شرعية دينية

يشير الباحث أحمد الحميري إلى أن الدعم الإيراني منح الحوثي تفوقًا عسكريًا، لكنه لم يمنحه الغطاء الروحي الكافي بين الزيدية التقليدية، الذين يرون في المؤيدي المرجعية الأصيلة.

المخاطر التي تواجه الحوثيين

هذا الانقسام الداخلي يأتي في لحظة حرجة للجماعة، إذ تواجه ضغوطًا عسكرية من التحالف العربي، وأزمات اقتصادية خانقة، واحتقانًا شعبيًا متزايدًا. ظهور انقسام بهذه الحدة في المعقل الرئيسي قد يكون بداية تفكك داخلي، خصوصًا إذا نجح المؤيدي في استقطاب القبائل النافذة التي تشكل العمود الفقري للحوثيين.

معركة الشرعية والقبائل

تشير تقديرات ميدانية إلى أن أتباع المؤيدي في صعدة وحدها يتجاوزون عشرات الآلاف، كثير منهم ينتمون لعشائر قوية مثل وائلة ورازح وحيدان. هذه القبائل، إن تحولت ولاءاتها، قد تُحدث خللاً كبيرًا في ميزان القوة الداخلي للجماعة، وتفتح الباب أمام سيناريوهات تفكك متسارعة.

الأبعاد الإقليمية للصراع

لا ينفصل هذا الصراع الداخلي عن البعد الإقليمي؛ فإيران التي ترى في الحوثيين ذراعها القوي في اليمن، تدرك أن فقدان الغطاء الديني قد يضعف المشروع كله. في المقابل، قد تجد بعض القوى الإقليمية المناوئة للحوثيين فرصة لدعم تيارات الزيدية التقليدية كأداة لاحتواء النفوذ الإيراني.

الرسائل السياسية: صعدة في مرمى الأحداث

من خلال تشديد قبضتها الأمنية وقمعها للتيار المؤيدي، تسعى قيادة الحوثيين لإرسال رسائل مفادها أن وحدة الجماعة خط أحمر، وأن أي تحدٍ داخلي سيُقابل بالقوة. لكن هذه السياسة قد تأتي بنتائج عكسية، إذ يمكن أن تُحوّل الصراع من كونه فكريًا إلى مواجهة مفتوحة ذات طابع قبلي ومذهبي.

السيناريوهات المحتملة

  1. احتواء الصراع عبر تسويات داخلية: يتطلب ذلك تنازلات من الطرفين، لكنه يبدو ضعيف الاحتمال في ظل تصاعد الاعتقالات.

  2. تحول المواجهة إلى صدام مسلح محدود: خاصة إذا فشلت الوساطات القبلية.

  3. اتساع الشرخ وانقسام صعدة: وهو السيناريو الأخطر، إذ قد يفتح الباب أمام انهيار نفوذ الحوثيين من الداخل.

هل يتكرر مشهد الانقسام اليمني؟

بينما يواصل عبدالملك الحوثي تعزيز نفوذه العسكري، يواجه تحديًا غير مسبوق من داخل بيئته الزيدية، يمثل اختبارًا لمتانة مشروعه القائم على الدمج بين المذهب والسياسة. وإذا استمر الضغط على أتباع المؤيدي، فإن الانقسام قد يتحول من معركة خلف الكواليس إلى شرارة تُعيد رسم خريطة الولاءات في صعدة واليمن بأسره.

انشقاق الحوثيين، صعدة الحوثي، محمد عبدالله المؤيدي، كبير الزيدية، الصراع الداخلي الحوثي، الزيدية التقليدية، عبدالملك الحوثي، نفوذ الحوثيين اليمن، الصراع الديني في صعدة، أزمة الحوثيين الداخلية،






انشقاق في صعدة.. صراع خفي يهدد حكم الحوثي من الداخل: من هو "كبير الزيدية" الذي يتحدى عبدالملك؟












انشقاق في صعدة.. صراع خفي يهدد حكم الحوثي من الداخل: من هو "كبير الزيدية" الذي يتحدى عبدالملك؟

صعدة – 2025

تشهد محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين، صراعًا متصاعدًا بين زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي ورجل الدين اليمني محمد عبدالله المؤيدي، الملقب بـ"كبير الزيدية"، في مواجهة تهدد بتقويض الأساس الديني والسياسي الذي تستند إليه الجماعة منذ عقود.

معركة النفوذ بين مران وضحيان

يتخذ عبدالملك الحوثي من مران مقراً لقيادته، بينما ينحدر المؤيدي من ضحيان، مركز الثقل الروحي للطائفة الزيدية التقليدية. المؤيدي، وريث العالم مجد الدين المؤيدي، يتهم الحوثيين بالانحراف عن المذهب الزيدي الأصلي والانزلاق نحو الفكر الاثني عشري المدعوم من إيران.

قمع ديني متصاعد

شهدت الأسابيع الأخيرة تضييقًا على أتباع المؤيدي، شمل إغلاق مراكز دينية واعتقال نحو 20 عالم دين في صعدة، بحسب منظمات حقوقية. الحوثيون يصفون المؤيديين بـ"المثبطين" بزعم تقاعسهم عن دعم القتال، بينما يؤكد مراقبون أن السبب الحقيقي هو الخشية من فقدان الشرعية الدينية.

جذور الصراع: من بدر الدين إلى عبدالملك

يعود الخلاف إلى سبعينيات القرن الماضي حين تنافس بدر الدين الحوثي ومجد الدين المؤيدي على زعامة الزيدية. اليوم، يتجدد النزاع بين عبدالملك الحوثي ومحمد المؤيدي في معركة على الزعامة الروحية والقبائلية.

انعكاسات محتملة على مستقبل الحوثيين

هذا الانقسام الداخلي يُعد الأكبر منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014. تشير التقارير إلى أن أتباع المؤيدي يشكلون قاعدة واسعة في صعدة، ما قد يؤدي إلى تفكك داخلي يهدد سيطرة الحوثيين التقليدية.