الإسلام وحرمة أموال الغير .. حماية لليتيم وصيانة لأموال الصدقات (فيتشر)

في صميم تعاليم الدين الإسلامي نجد تركيزًا بالغًا على المحافظة على أموال الغير، باعتبارها أمانة لا يجوز التفريط فيها أو الاعتداء عليها، ويتجلى هذا المفهوم بوضوح في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث شُدد على صيانة أموال الآخرين، خاصة أموال اليتامى وأموال الصدقات، لما تمثله من حقوق الضعفاء والمحتاجين.
حرمة أموال اليتامى في القرآن والسنة
من أوضح صور هذا الحرص ما جاء بشأن مال اليتيم، فقد أولاه الشرع مكانة خاصة وحذر بشدة من التعدي عليه، يقول الله تعالى في سورة النساء:
"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا".
وفي موضع آخر:
"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن"،
تأكيدًا على أن الاقتراب من أموالهم لا يكون إلا بغرض الإصلاح أو النفع لهم، لا التربّح أو الاستغلال.
وفي الحديث الشريف، يقول النبي ﷺ:
"يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارًا... إنهم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا".
هذه النصوص توضح بما لا يدع مجالًا للشك أن التعدي على حقوق اليتيم ليس فقط معصية، بل جريمة أخلاقية وعقوبة في الدنيا والآخرة.
النبي وقدسية أموال الصدقة
تجلت عظمة الإسلام في مواقف النبي محمد ﷺ، حتى قبل البعثة، فقد عُرف بلقب "الصادق الأمين"، وكان مثالًا للأمانة في حفظ الأموال. وقد روى عقبة بن الحارث رضي الله عنه موقفًا مؤثرًا بعد إحدى صلوات العصر، إذ نهض النبي ﷺ مسرعًا وغادر المسجد، ثم عاد ليقول:
"ذكرت شيئًا من تبر (ذهب) عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته".
وفي رواية أخرى قال ﷺ:
"كنت خلّفت في البيت تبرًا من الصدقة، فكرهت أن أبيّته فقسمته".
هذا الحديث النبوي يعكس حساسية النبي تجاه أموال الصدقات، وكيف أنه لم يرضَ أن يُبقيها في بيته لحظة زائدة عن الحاجة، ليؤكد على أن مال الغير لا يُؤخّر ولا يُحتفظ به دون وجه حق.
عقوبة المعتدي على أموال الغير
لم يكن التحذير من الاعتداء على أموال الغير نظريًا فقط، بل اقترن بـتهديد صريح بالعقوبة الإلهية، خاصة عندما يتعلق الأمر باليتيم، فالعقاب لا يقتصر على فقدان الأجر، بل يتعدى إلى النار والعذاب، لأن تلك الأموال تمثل حقوقًا مصانة شرعًا واجتماعيًا.
أمانة المال في ميزان الشريعة
إن أمانة المال في الإسلام ليست أمرًا هامشيًا، بل أصل من أصول العدالة. ومن يفرط في حقوق الغير، سواء أكان يتيمًا أو فقيرًا أو أي إنسان آخر، فإنه يخرق شريعة الله ويتجاوز حدود الأخلاق.
والدعوة اليوم موجهة لكل مسلم: حافظ على المال الذي ليس لك كأنه أغلى ما تملك، فهذا هو جوهر الأمانة، وسرّ التوفيق في الدنيا والآخرة.
المحافظة على أموال الغير، حرمة مال اليتيم، أكل أموال اليتامى ظلمًا، أموال الصدقات، عقوبة من يأكل مال اليتيم، حديث النبي عن الأمانة، أمانة المال في الإسلام، حماية أموال اليتيم، حقوق اليتامى في الشريعة، السنة النبوية وأموال الصدقة