العرب 24
العرب 24

بحيرة ناصر تتحول إلى أكبر محطة طاقة شمسية عائمة في العالم: مشروع مصري رائد بثلاثة أهداف استراتيجية

طاقة شمسية على بحيرة ناصر
أحمد واضح العلامي -

إعداد وحدة الطاقة والبيئة

مشروع تاريخي للطاقة النظيفة فوق مياه النيل .. بدأت مصر رسميًا تنفيذ واحد من أضخم المشاريع الاستراتيجية في تاريخها الحديث، عبر إطلاق مشروع غير مسبوق لتحويل بحيرة ناصر إلى محطة طاقة شمسية عائمة بقدرة إنتاجية تصل إلى 5 جيجا وات، ما يعادل إنتاج محطة تقليدية عملاقة، في خطوة تمثل تحولًا نوعيًا في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.

وجاء المشروع، الذي يُنفذ بتعاون بين جهاز "مستقبل مصر للتنمية المستدامة" التابع للقوات المسلحة وشركة "مصدر" الإماراتية، عبر مرحلتين: الأولى بقدرة 2 جيجا وات والثانية بقدرة 3 جيجا وات، بما يعزز قدرة مصر على تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

بحيرة ناصر.. من خزان مياه إلى منصة طاقة عالمية

تُعد بحيرة ناصر من أكبر البحيرات الصناعية في العالم، وتمثل خزانًا مائيًا ضخمًا لمياه نهر النيل، حيث تمتد بنسبة 83% داخل الأراضي المصرية. لكن على الرغم من غناها المائي، ظلت البحيرة لسنوات تعاني من إهدار مائي ضخم ومشكلات بيئية مركبة، أبرزها:

  • التبخر الشديد بسبب ارتفاع درجات الحرارة في أسوان، مما يؤدي إلى فقدان ما بين 10 إلى 15 مليار متر مكعب من المياه سنويًا.

  • تزايد أعداد التماسيح التي تستهلك كميات ضخمة من الأسماك، تقدر بنحو 146 ألف طن سنويًا، ما يؤثر سلبًا على الثروة السمكية.

الألواح الشمسية العائمة: الحل الذكي والمتعدد الأهداف

الاستراتيجية المصرية الجديدة تعتمد على تكنولوجيا الألواح الشمسية العائمة، وهي تقنية مبتكرة تُركّب على عوامات بلاستيكية مصممة للسماح بمرور جزء من الضوء، للحفاظ على التوازن البيئي داخل البحيرة، وتقليل نسبة التبخر الناتج عن التعرض المباشر لأشعة الشمس.

وتُعد هذه التقنية مستوحاة من تجارب ناجحة في دول مثل الهند واليابان، لكن المشروع المصري يمثل أول تطبيق بهذا الحجم عالميًا، ليكون نواة لتحول بيئي واقتصادي شامل.

فوائد اقتصادية وبيئية متعددة للمشروع

لا يقتصر المشروع على توليد الكهرباء فقط، بل يمتد لتحقيق مجموعة من الأهداف المتكاملة:

  1. تقليل التبخر المائي: من خلال تقليل تعرّض سطح البحيرة المباشر للشمس، ما يعني الحفاظ على مليارات الأمتار المكعبة من المياه.

  2. تعزيز الثروة السمكية: عبر خطة رئاسية تتضمن وقف الصيد 3 أشهر سنويًا، وضخ كميات كبيرة من زريعة الأسماك، لزيادة الإنتاج من 22 ألف طن سنويًا إلى أكثر من 100 ألف طن.

  3. استثمار جلود التماسيح: التي يصل سعر الجلد الواحد منها إلى 4000 دولار، ما يتيح إنشاء صناعات جلدية فاخرة وتوفير فرص عمل جديدة.

  4. دعم السياحة البيئية: عبر خطط لإنشاء حدائق تماسيح ومنتجعات بيئية في مناطق مثل الأقصر وأبو سمبل، ما يعزز السياحة الداخلية والدولية.

محطة طاقة جديدة في نجع حمادي: التوسع مستمر

وفي سياق متصل، تتضمن مذكرة التفاهم الثانية إنشاء محطة طاقة شمسية جديدة بقدرة 2.8 جيجا وات في منطقة نجع حمادي، جنوب مصر، ما يؤكد أن المشروع ليس معزولًا بل يأتي ضمن خطة قومية شاملة لتعزيز البنية التحتية للطاقة النظيفة على مستوى الجمهورية.

الرئيس السيسي يوجه بالتنفيذ الفوري

في زيارة ميدانية حديثة لمحافظة أسوان، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة التسريع الفوري في تنفيذ المشروع، وتنظيم عمليات الصيد في بحيرة ناصر، وإنشاء مصنع أسماك بطاقة إنتاجية تبلغ 15 ألف طن سنويًا، إلى جانب البدء الفوري في تنفيذ مزرعة تماسيح للاستفادة الاقتصادية من جلودها.

ويؤكد هذا التوجيه الرئاسي أن الدولة المصرية تُدرك أهمية هذا المشروع ليس فقط من الناحية الاقتصادية، بل أيضًا كمحور استراتيجي في معركة الأمن المائي والغذائي والطاقة.

نقلة نوعية في ملف الطاقة المتجددة

بهذا المشروع، تضع مصر نفسها في مقدمة الدول النامية الساعية للتحول الأخضر، عبر تبني حلول مبتكرة تجمع بين الحفاظ على البيئة وتحقيق العائد الاقتصادي، ويأتي المشروع في سياق أهداف رؤية مصر 2030، الرامية إلى رفع مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الوطني إلى 42% بحلول عام 2035.

بحيرة ناصر أمام فرصة تاريخية

لم تعد بحيرة ناصر مجرد خزان مياه أو منطقة للصيد، بل أصبحت حاضنة لمشروع عالمي رائد قادر على تغيير مستقبل التنمية في جنوب مصر. ومن خلال هذا المشروع، تعلن الدولة المصرية بداية عصر ذهبي جديد لواحدة من أهم مواردها الطبيعية، التي ظلت مهملة لعقود.

مصر تكتب فصلاً جديدًا في الطاقة والبيئة

إن مشروع محطة الطاقة الشمسية العائمة في بحيرة ناصر ليس مجرد محطة كهرباء، بل هو منصة للتنمية المستدامة تجمع بين الابتكار البيئي والرؤية الاقتصادية، وبين تقليل التبخر، وتعزيز الثروة السمكية، وتحفيز الصناعات الجلدية، تصنع مصر نموذجًا عالميًا يحتذى به في التوظيف الذكي للموارد الطبيعية.

بحيرة ناصر، محطة طاقة شمسية عائمة، الطاقة الشمسية في مصر، مشروع مصدر، التماسيح في بحيرة ناصر، التبخر في أسوان، الثروة السمكية في مصر، مشروع الطاقة المتجددة، مزارع التماسيح، التنمية المستدامة، بحيرات مصر، الطاقة النظيفة، إنتاج الأسماك، سد أسوان، جلود التماسيح، عبد الفتاح السيسي، نجع حمادي، مشروع بيئي في مصر، التحول إلى الطاقة الخضراء، الألواح الشمسية العائمة.