العرب 24
جريدة العرب 24

الفطر الأسود في مفاعل تشيرنوبيل .. ظاهرة علمية غامضة تحمي رواد الفضاء من الإشعاع

فطريات الإشعاع
دعاء مكرم عبد اللطيف -

اكتشاف مذهل داخل أخطر منطقة إشعاعية في العالم

بعد كارثة مفاعل تشيرنوبيل عام ١٩٨٦ ظلت المنطقة المحيطة بالمفاعل من أكثر الأماكن خطراً على وجه الأرض بسبب مستويات الإشعاع القاتلة التي تمنع بقاء معظم الكائنات الحية لكن المفاجأة جاءت بعد سنوات عندما لاحظ العلماء وجود فطريات سوداء اللون تنمو على جدران المفاعل المدمر في ظروف يصعب على أي حياة تحملها مما أثار أسئلة كثيرة حول طبيعة هذا الكائن الغريب وقدرته على التكيف مع بيئة معادية للبقاء

فطر يتغذى على الإشعاع مثلما تتغذى النباتات على الضوء

بدأت الأبحاث المتعمقة تكشف عن قدرة غير مسبوقة لهذا الفطر حيث تبين أنه لا يكتفي بتحمل الإشعاع فقط بل يمتصه ويحوله إلى طاقة تساعده على النمو كلما زادت قوة الإشعاع وهي عملية تشبه التمثيل الضوئي لدى النباتات لكنها تعتمد على الإشعاع بدلاً من الضوء وقد أطلق العلماء على هذا الأسلوب اسم التمثيل الإشعاعي وهو اكتشاف نادر يشير إلى إمكانية وجود آليات حياة مختلفة تماماً عن تلك التي يعرفها البشر

كيف يحوّل الفطر الإشعاع إلى طاقة

أظهرت الدراسات أن الفطر يحتوي على نسب كبيرة من صبغة الميلانين وهي نفس المادة الموجودة في جلد الإنسان والتي تساعد على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية لكن في حالة فطر تشيرنوبيل تعمل الميلانين بشكل متطور بحيث تستقبل الطاقة الإشعاعية وتحولها إلى طاقة بيولوجية يستخدمها الفطر للنمو والتكاثر مما يجعله أقوى وأكثر تكيفاً في بيئات مشعة ولا يزال هذا المفهوم يفتح آفاقاً علمية جديدة حول قدرة الكائنات على تطوير وسائل بقاء غير مألوفة

تطبيقات مستقبلية قد تغيّر علوم الفضاء والطب النووي

مع تصاعد الاهتمام العالمي بالرحلات إلى الفضاء بدأ العلماء يفكرون في كيفية حماية رواد الفضاء من الإشعاعات الكونية العالية التي يتعرضون لها خارج الغلاف الجوي وقد وجدوا في هذا الفطر نموذجاً محتملاً لحل هذه المعضلة إذ يدرس الباحثون تطوير أقمشة وملابس تحتوي على مستخلصات من الميلانين الفطري بحيث تمتص الإشعاع وتحوله إلى طاقة مانحة الإنسان حماية طبيعية مستوحاة من هذا الكائن المذهل وقد تمت الإشارة أيضاً إلى إمكانيات استخدامه في تغطيات جدران المحطات الفضائية أو في طبقات عازلة داخل المركبات لضمان حماية أكثر فاعلية

خلاصة علمية تقود إلى أسئلة جديدة

تكشف قصة فطر تشيرنوبيل عن مفاجأة كبرى في عالم الأحياء إذ يثبت هذا الكائن أن الحياة قادرة على التكيف بطرق غير متوقعة حتى في أكثر الظروف تطرفاً وقد يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام ثورة جديدة في مجالات الحماية من الإشعاع سواء في الفضاء أو في المستشفيات أو في المواقع الصناعية المشعة مما يجعل البحث في هذا المجال ضرورة علمية تحمل أبعاداً مستقبلية واسعة.

لمطالعة تكملة الخبر اضغط هنــــــــــــا

فطر تشيرنوبيل، فطريات الإشعاع، الميلانين الفطري، الإشعاع النووي، حماية رواد الفضاء، كارثة تشيرنوبيل، التمثيل الإشعاعي، علوم الفضاء