تأثير كسوف الشمس على الطيور في أمريكا الشمالية يكشف مفاجآت علمية

شهدت قارة "أمريكا الشمالية" في الثامن من أبريل عام 2024 حدثًا فلكيًا نادرًا تمثل في كسوف كلي للشمس، لم يدهش المشاهدين بجماله فقط بل ترك أيضًا أثرًا بيولوجيًا مثيرًا في عالم الطيور، حيث كشف فريق بحثي أن 29 نوعًا من الطيور غيّرت سلوكها الصوتي أثناء فترة الكسوف، حيث بدأت بالتغريد كما لو أن الفجر قد لاح من جديد، نتيجة الانخفاض المفاجئ في شدة الضوء الذي جعلها تظن أن يومًا جديدًا بدأ بالفعل.
الباحثة "ليز أغيلار" من جامعة "إنديانا" الأمريكية أوضحت أن مراقبة تصرفات الكائنات الحية أثناء الظواهر الطبيعية تساعد العلماء على فهم قدرتها على التكيف مع التحولات البيئية المفاجئة، مشيرةً إلى أن الضوء يمثل العامل الأقوى في ضبط أنماط نشاط الطيور اليومية، وأن دقائق قليلة من الظلام كانت كافية لتغيير روتينها المعتاد.
وجرى الكسوف في فصل الربيع، وهي فترة حساسة بالنسبة للطيور، إذ يزداد خلالها الغناء كوسيلة للتزاوج أو الدفاع عن المناطق أو التحضير لرحلات الهجرة الليلية، ولتتبع الظاهرة طور الباحثون تطبيقًا مجانيًا يحمل اسم "SolarBird"، دعا سكان "أمريكا الشمالية" إلى تسجيل أصوات الطيور خلال الحدث، ونتج عن ذلك أكثر من 11 ألف تسجيل صوتي من نحو 1700 مشارك، غطت منطقة تمتد إلى 5 آلاف كيلومتر على طول مسار الكسوف.
كما استخدم الفريق أجهزة تسجيل دقيقة في ولاية "إنديانا" لجمع أكثر من مئة ألف عينة صوتية قبل وأثناء وبعد الحدث، من أجل تحليل استجابات الطيور بصورة علمية دقيقة، كما استعان الباحثون ببرنامج الذكاء الاصطناعي "BirdNet" الذي يميز أنواع الطيور من خلال أصواتها، وأظهرت النتائج أن 29 نوعًا من أصل 52 نوعًا رُصدت غيّرت نمطها الصوتي أثناء الكسوف، فبعضها زاد من التغريد بينما التزم بعضها الآخر الصمت الكامل.
اللافت أن اللحظة التي عادت فيها أشعة الشمس إلى الظهور شهدت ما وصفه العلماء بـ "جوقة الفجر الكاذبة"، إذ أطلقت 19 نوعًا من الطيور أصواتًا تشبه تغريد الصباح الحقيقي، ما اعتبره الباحثون دليلاً على اضطراب مؤقت في الساعة البيولوجية لديها، وأكدت "أغيلار" أن درجة التفاعل اختلفت بين الأنواع تبعًا لحساسيتها للضوء، وكانت أوضح لدى الطيور التي عاشت في مناطق شهدت كسوفًا كليًا تامًا.
وفي سياقٍ متصل فقد شدد الدكتور "ستيفان كاهل" مطور تقنية "BirdNet" في جامعة "كورنيل"، على أهمية التحقق من دقة التحليل الآلي، مشيرًا إلى أن أخطاء الذكاء الاصطناعي قابلة للمراجعة بفضل طبيعتها المنهجية.
وتلفت الدراسة الأنظار إلى العلاقة الوثيقة بين الضوء وسلوك الطيور، خاصةً في ظل ازدياد التلوث الضوئي حول العالم، إذ تشير أبحاث سابقة إلى أن الإضاءة الاصطناعية تجعل الطيور تغني لفترات أطول وتضل طريقها أثناء الهجرة، مما يؤدي إلى حوادث اصطدام بالمباني المرتفعة.

