العرب 24
جريدة العرب 24

أسطورة أخافت الكثيرين

للـــكبار فقط .. عقار الهلوسة وقصة الوزير المصري وابنه تجار المخدرات

اللواء وليد السيسي
دعاء مكرم عبد اللطيف -

في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، تتكشف خيوط قصة غريبة تجمع بين السلطة والمال والمخدرات داخل مساكن شيراتون شرق القاهرة، حيث امتزج النفوذ بالاحتيال لتكوين شبكة خفية تبيع أخطر أنواع المخدرات على مرأى من الجميع، القصة التي رواها اللواء وليد السيسي تكشف عن عالم خفي يعيش في الظل، يقوده من يفترض أنهم في قمة الهرم الإداري، لكنهم يمارسون تجارة تتناقض تمامًا مع مواقعهم الرسمية

الصحافة الصفراء والإثارة الزائفة

يبدأ اللواء حديثه بتأمل عميق في مشهد الإعلام الذي صنع جيلاً يعشق الفضائح، منتقدًا ما يسميه “اللعب بالمانشيتات”، حيث يتحول عنوان عابر إلى قنبلة إعلامية تضلل الرأي العام، في إشارة إلى زمن الصحافة الصفراء التي كانت تلهب العقول بالإثارة لا بالمعلومة، ومن هنا ينتقل إلى أصل القضية، متسائلًا عن الحد الفاصل بين الحقيقة والتهويل، وعن مدى خطورة اتهام شخصيات كبيرة دون دليل قاطع

قصة الوزير وابنه: بداية الخيط من داخل الأسانسير

القضية بدأت بلحظة عابرة في أسانسير عمارة بشيراتون، عندما صعدت إحدى المصادر السرية مع اللواء السيسي وتحدثت بلا مقدمات عن “الوزير وابنه اللذين يبيعان مخدرات LSD وEcstasy”، الرواية بدت صادمة في البداية، لكن التفاصيل الدقيقة التي سردتها الفتاة أثارت فضول الضابط المخضرم، خصوصًا عندما أكدت أن “الحارس الشخصي للوزير هو من يتولى تسليم الأموال واستلام المخدرات”.

تأكيد المعلومة وتحرك المباحث
توالت الأحداث سريعًا، إذ قرر اللواء النزول بنفسه إلى الميدان للتحقق من صحة المعلومة، فركن سيارته قرب العمارة وراقب المشهد عن قرب، المفاجأة جاءت حين شاهد بنفسه ما أكدته الفتاة: الحارس استلم ظرفًا بالدولارات، صعد إلى الدور الخامس، ثم عاد بعد دقائق ليسلم ظرفًا آخر يحتوي على أقراص “إكستاسي” و”LSD”، ما جعل الضابط أمام واقعة حقيقية لا تقبل الشك

التحقيق الميداني يكشف المفاجأة
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد اتصل اللواء بإدارة الحراسات الخاصة ليكتشف أن العمارة كانت تضم بالفعل وزيرًا سابقًا انتقل مؤخرًا إلى التجمع، وأنه لم يعد هناك أي فرد حراسة رسمي تابع للدولة في هذا المكان، هنا ظهرت الصدمة الثانية: الشخص الذي يظهر بزي الحراسات ليس تابعًا لأي جهة أمنية رسمية، بل يعمل لصالح شركة أمن خاص، جرى التلاعب به ليبدو كأنه “حارس وزير” بينما هو في الحقيقة مجرد غطاء لشبكة تهريب

الاحتيال الذكي: كيف تم استغلال الحارس؟
من خلال التحريات اتضح أن مدير شركة كبرى يقيم في العمارة ذاتها، استغل قربه السابق من الوزير الراحل ليمنح نفسه غطاءً رسميًا. تعاقد مع شركة أمن خاصة وطلب أن يرتدي الحارس “جاكيت رسميًا” ويعلّق مسدسًا صوتيًا ليبدو وكأنه من طاقم الحماية الحكومي، الرجل دفع للحارس أضعاف راتبه، وأقنعه بأن بعض الطرود التي يستلمها “قانونية وسيادية”، بينما كانت في الحقيقة شحنات من المخدرات تأتي من الخارج عبر ابنه الدارس في إسبانيا

من إسبانيا إلى القاهرة: خط تهريب لا يُرى
كشفت التحريات أن الابن كان يدرس في إسبانيا، ويعود إلى القاهرة على فترات حاملاً شحنات من عقاقير “LSD” و”إكستاسي” بكميات صغيرة يصعب تتبعها جمركيًا، ومن خلال شبكة من المتعاملين في مصر الجديدة والتجمع ومدينة نصر، كانت المخدرات تُباع بالدولار لفئة من المتعاطين “الصفوة”، ممن يملكون المال والاتصالات، بعيدًا عن أعين أجهزة الرقابة

القانون والواقع: مصر ليست خالية من المخدرات
يؤكد اللواء السيسي أن إعلان “مصر خالية من المخدرات” مجرد وهم إعلامي، لأن الإدمان ليس قضية أمنية فحسب، بل سلوك اجتماعي ونفسي متجذر، ويشير إلى أن الدول الكبرى نفسها، من أمريكا إلى هولندا، لم تستطع القضاء الكامل على تجارة السموم رغم القوانين الصارمة فالمخدرات، بحسب وصفه، مثل القتل والسرقة، جريمة تتبدل أشكالها لكنها لا تنتهي

دعوة للوعي والمحاسبة
القضية تفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول مدى تغلغل الفساد داخل بعض مؤسسات الدولة، وحول من يتحمل مسؤولية انتشار هذه السموم بين الشباب، يدعو اللواء في ختام روايته إلى تحكيم الضمير والتمسك بالمصداقية، سواء في العمل الأمني أو الإعلامي، لأن أخطر ما تواجهه الدولة ليس فقط المخدرات، بل “الجهل والإثارة المضللة التي تصنع الرأي العام على الأكاذيب”.

القصة التي بدأت بمعلومة عابرة في أسانسير انتهت بكشف شبكة منظمة تعمل تحت غطاء النفوذ والسلطة، لتؤكد أن الخطر الحقيقي ليس في الخارج بل بين الجدران التي نعتقد أنها آمنة، وبينما تتواصل التحقيقات في مثل هذه القضايا، يبقى السؤال مطروحًا: كم من “وزير سابق” و”ابن مسؤول” يمارسون أدوارًا مشابهة دون أن نعلم؟

الوزير وابنه والمخدرات، مساكن شيراتون، تهريب LSD، إكستاسي في مصر، وليد السيسي، تحقيقات أمنية، تجارة المخدرات في القاهرة، الحراسات الخاصة، الفساد والسلطة، المخدرات بين الصفوة، شبكات تهريب دولية، المخدرات في مصر، الإعلام والفضائح، مكافحة الإدمان، الأمن المصري