العرب 24
جريدة العرب 24

من البغدادي إلى التحالف الدولي

من هم الدواعش؟ وكيف سيطروا على العراق وسوريا؟ قصة أكبر تنظيم إرهابي في العالم

تنظيم الدولة داعش
السيد الغريب -

قبل أن نبدأ، من الضروري التأكيد أن هذا المحتوى تعليمي وتوعوي فقط، ولا يحمل أي دعم أو تعاطف مع الجماعات الإرهابية، بل يهدف إلى التذكير بتاريخها الأسود وتوضيح خطورتها على العالم

البدايات.. من الجهاد ضد السوفيت إلى انحراف المفهوم

أكبر جماعة إرهابية في التاريخ سنسميها هنا "التنظيم" دون ذكر اسمها التزامًا بسياسات النشر، هذا التنظيم الذي وصلت ثروته في فترة من الفترات إلى أكثر من ملياري دولار، وامتلك ما يفوق 70 ألف مقاتل، ورغم ضعفه الحالي واقترابه من نهايته، فإنه في ذروة قوته سيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق

تبدأ الحكاية عام 1979 مع الغزو السوفيتي لأفغانستان، حين تغيّر مفهوم "الجهاد" ليصبح بمعنى المقاومة المسلحة، فبدأ المسلمون من دول عديدة بالتطوع للقتال هناك، وفي منتصف الثمانينيات توجّه أسامة بن لادن إلى أفغانستان لدعم المجاهدين، مؤسسًا "مكتب الخدمات" لجمع التبرعات واستقطاب الشباب المسلم، وقد دعمته الولايات المتحدة آنذاك في مواجهة السوفيت

لكن المفارقة أن التنظيمات التي دعمها الغرب لاحقًا تحولت إلى جماعات إرهابية في نظره، وبعد انسحاب الروس عام 1989 ركّز بن لادن على الأراضي العربية مدعيًا أنها "محتلة"، داعيًا إلى الجهاد ضد الأمريكيين

الزرقاوي وبداية التوحيد والجهاد

في تلك الفترة ظهر أبو مصعب الزرقاوي، أردني الجنسية، تأثر بأفكار القاعدة رغم أنه لم يلتقِ ببن لادن في البداية، ثم التقاه في قندهار عام 1999، وأسّس جماعة "التوحيد والجهاد" في هرات

وبعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، فرّ الزرقاوي إلى العراق مرورًا بإيران، مستغلًا تفكك الجيش العراقي بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ليستولي على الأسلحة ويبدأ حرب المقاومة ضد الأمريكيين، ومع الوقت انضم مقاتلون من أفغانستان والشيشان وباكستان والبوسنة والدول العربية

من القاعدة إلى قاعدة الرافدين

في عام 2004، أعلن الزرقاوي مبايعته لأسامة بن لادن تحت اسم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، رغم الخلاف الأيديولوجي الكبير بينهما، فبينما كان بن لادن يرى أن العدو الرئيسي هو أمريكا، اعتبر الزرقاوي أن الشيعة والأمريكيين معًا أعداؤه

في رسالة أرسلها الزرقاوي إلى بن لادن عام 2004، وصف الشيعة بأوصاف متطرفة ودعا إلى قتلهم، لكن بن لادن رفض هذا النهج الطائفي، ومع ذلك استمر التعاون بين الطرفين ضد "الأعداء المشتركين"، مما أدى إلى اندلاع حرب طائفية بين السنة والشيعة في العراق

وخلال عامي 2005 و2006 نفذت القاعدة في العراق 189 هجومًا إرهابيًا أودت بحياة نحو 500 أمريكي، حتى تمكنت القوات الأمريكية من اغتيال الزرقاوي في هبةب العراقية عام 2006

صعود دولة العراق الإسلامية

بعد مقتل الزرقاوي، تأسست "دولة العراق الإسلامية" بقيادة أبو عمر البغدادي، وبدأت تفرض قوانين متشددة على المدنيين السنة، مستخدمة عمليات انتحارية ضد الأمريكيين والشيعة، بين عامي 2007 و2010 نُفذت أكثر من 200 عملية راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين

وفي عام 2010 قُتل أبو عمر البغدادي في صلاح الدين، وتولى القيادة أبو بكر البغدادي، الذي أعاد تنظيم الصفوف، مستفيدًا من الربيع العربي عام 2011، حيث اندلعت الفوضى في سوريا والعراق

تأسيس جبهة النصرة وانتشار التنظيم في سوريا

أرسل البغدادي قائده أبو محمد الجولاني إلى سوريا لتأسيس فرع جديد، هو جبهة النصرة، التي نفذت خلال ثمانية أشهر أكثر من 500 عملية انتحارية

وفي عام 2011 انسحبت القوات الأمريكية من العراق، مما أحدث فراغًا سياسيًا استغله البغدادي لتوسيع نفوذه، خاصة بعد تهميش نوري المالكي للسنة، فسيطر التنظيم على محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى

وفي يوليو 2012 شن التنظيم هجمات متزامنة على مواقع شيعية وسجون عراقية، أبرزها عملية سجن أبو غريب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص وهروب أكثر من 1000 سجين

إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام

في أبريل 2014 أعلن البغدادي تغيير اسم التنظيم إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، معلنًا هدفه التوسع في سوريا، وفي يونيو من العام نفسه سيطر على مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق، حيث استولى على طرق التجارة والنفط والمياه

وفي 29 يونيو 2014 أعلن البغدادي نفسه خليفة للمسلمين من على منبر الموصل، وبدأ التنظيم يوسع سيطرته ليشمل ثلث العراق وأكثر من ثلث سوريا، مما دفع الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف دولي بقيادتها لمحاربته

العمليات الإرهابية العالمية

ردًا على القصف الأمريكي، بدأ التنظيم بتنفيذ عمليات انتحارية دولية، أبرزها هجمات باريس 2015 التي أودت بحياة 128 شخصًا، تلتها تفجيرات أنقرة وإسطنبول في تركيا بين عامي 2015 و2016، التي راح ضحيتها مئات المدنيين

ومع تصاعد العمليات، أطلقت تركيا عملية درع الفرات التي نجحت في تحرير جرابلس والباب ودابق من قبضة التنظيم، بينما شن التحالف الدولي ضربات جوية كثيفة أضعفت موارده المالية والعسكرية

الانهيار الكامل ومقتل البغدادي

بحلول عام 2017 خسر التنظيم أكثر من 80% من أراضيه تحت ضغط التحالف الدولي والجيشين السوري والعراقي، وفي 26 أكتوبر 2019 نفذت القوات الأمريكية عملية نوعية في إدلب، أسفرت عن مقتل أبو بكر البغدادي بعد أن فجر نفسه بحزام ناسف

وبحسب خرائط عام 2021 لم يبقَ للتنظيم سوى جيوب صغيرة في سوريا وليبيا واليمن والصومال، دون أي نفوذ حقيقي، بعد أن تفكك إلى خلايا ضعيفة متناثرة

الدرس الأخير.. نهاية فكر العنف

تاريخ التنظيم يختصر مأساة التطرف حين يتحول الدين إلى ذريعة للقتل والسيطرة، فبرغم ما امتلكه من المال والسلاح، انتهى كما بدأت جميع التنظيمات الإرهابية: مهزومًا بالفكر والوعي والإرادة الإنسانية

التنظيم الإرهابي، داعش، القاعدة، أبو بكر البغدادي، أبو مصعب الزرقاوي، أسامة بن لادن، الإرهاب في العراق وسوريا، جبهة النصرة، الربيع العربي، الحرب على الإرهاب، سجن أبو غريب، هجمات باريس، تفجيرات أنقرة، درع الفرات، انهيار داعش، تاريخ الإرهاب، التطرف الديني، الجماعات الجهادية، الحرب على داعش، نهاية البغدادي





التنظيم الأكثر دموية في التاريخ.. من الجهاد الأفغاني إلى الانهيار الكامل



التنظيم الأكثر دموية في التاريخ.. من الجهاد الأفغاني إلى الانهيار الكامل

قبل أن نبدأ، من الضروري التأكيد أن هذا المحتوى تعليمي وتوعوي فقط، ولا يحمل أي دعم أو تعاطف مع الجماعات الإرهابية، بل يهدف إلى التذكير بتاريخها الأسود وتوضيح خطورتها على العالم.

البدايات.. من الجهاد ضد السوفيت إلى انحراف المفهوم

أكبر جماعة إرهابية في التاريخ سنسميها هنا "التنظيم" دون ذكر اسمها التزامًا بسياسات النشر، هذا التنظيم الذي وصلت ثروته في فترة من الفترات إلى أكثر من ملياري دولار، وامتلك ما يفوق 70 ألف مقاتل، ورغم ضعفه الحالي واقترابه من نهايته، فإنه في ذروة قوته سيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق.

تبدأ الحكاية عام 1979 مع الغزو السوفيتي لأفغانستان، حين تغيّر مفهوم "الجهاد" ليصبح بمعنى المقاومة المسلحة، فبدأ المسلمون من دول عديدة بالتطوع للقتال هناك، وفي منتصف الثمانينيات توجّه أسامة بن لادن إلى أفغانستان لدعم المجاهدين، مؤسسًا "مكتب الخدمات" لجمع التبرعات واستقطاب الشباب المسلم، وقد دعمته الولايات المتحدة آنذاك في مواجهة السوفيت.

الزرقاوي وبداية التوحيد والجهاد

في تلك الفترة ظهر أبو مصعب الزرقاوي، أردني الجنسية، تأثر بأفكار القاعدة رغم أنه لم يلتقِ ببن لادن في البداية، ثم التقاه في قندهار عام 1999، وأسّس جماعة "التوحيد والجهاد" في هرات.

وبعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، فرّ الزرقاوي إلى العراق مرورًا بإيران، مستغلًا تفكك الجيش العراقي بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ليستولي على الأسلحة ويبدأ حرب المقاومة ضد الأمريكيين، ومع الوقت انضم مقاتلون من أفغانستان والشيشان وباكستان والبوسنة والدول العربية.

من القاعدة إلى قاعدة الرافدين

في عام 2004، أعلن الزرقاوي مبايعته لأسامة بن لادن تحت اسم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، رغم الخلاف الأيديولوجي الكبير بينهما، فبينما كان بن لادن يرى أن العدو الرئيسي هو أمريكا، اعتبر الزرقاوي أن الشيعة والأمريكيين معًا أعداؤه.

في رسالة أرسلها الزرقاوي إلى بن لادن عام 2004، وصف الشيعة بأوصاف متطرفة ودعا إلى قتلهم، لكن بن لادن رفض هذا النهج الطائفي، ومع ذلك استمر التعاون بين الطرفين ضد "الأعداء المشتركين"، مما أدى إلى اندلاع حرب طائفية بين السنة والشيعة في العراق.

وخلال عامي 2005 و2006 نفذت القاعدة في العراق 189 هجومًا إرهابيًا أودت بحياة نحو 500 أمريكي، حتى تمكنت القوات الأمريكية من اغتيال الزرقاوي في هبةب العراقية عام 2006.

صعود دولة العراق الإسلامية

بعد مقتل الزرقاوي، تأسست "دولة العراق الإسلامية" بقيادة أبو عمر البغدادي، وبدأت تفرض قوانين متشددة على المدنيين السنة، مستخدمة عمليات انتحارية ضد الأمريكيين والشيعة، بين عامي 2007 و2010 نُفذت أكثر من 200 عملية راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين.

وفي عام 2010 قُتل أبو عمر البغدادي في صلاح الدين، وتولى القيادة أبو بكر البغدادي، الذي أعاد تنظيم الصفوف، مستفيدًا من الربيع العربي عام 2011، حيث اندلعت الفوضى في سوريا والعراق.

تأسيس جبهة النصرة وانتشار التنظيم في سوريا

أرسل البغدادي قائده أبو محمد الجولاني إلى سوريا لتأسيس فرع جديد، هو جبهة النصرة، التي نفذت خلال ثمانية أشهر أكثر من 500 عملية انتحارية.

وفي عام 2011 انسحبت القوات الأمريكية من العراق، مما أحدث فراغًا سياسيًا استغله البغدادي لتوسيع نفوذه، خاصة بعد تهميش نوري المالكي للسنة، فسيطر التنظيم على محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى.

وفي يوليو 2012 شن التنظيم هجمات متزامنة على مواقع شيعية وسجون عراقية، أبرزها عملية سجن أبو غريب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص وهروب أكثر من 1000 سجين.

إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام

في أبريل 2014 أعلن البغدادي تغيير اسم التنظيم إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، معلنًا هدفه التوسع في سوريا، وفي يونيو من العام نفسه سيطر على مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق، حيث استولى على طرق التجارة والنفط والمياه.

وفي 29 يونيو 2014 أعلن البغدادي نفسه خليفة للمسلمين من على منبر الموصل، وبدأ التنظيم يوسع سيطرته ليشمل ثلث العراق وأكثر من ثلث سوريا، مما دفع الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف دولي بقيادتها لمحاربته.

العمليات الإرهابية العالمية

ردًا على القصف الأمريكي، بدأ التنظيم بتنفيذ عمليات انتحارية دولية، أبرزها هجمات باريس 2015 التي أودت بحياة 128 شخصًا، تلتها تفجيرات أنقرة وإسطنبول في تركيا بين عامي 2015 و2016، التي راح ضحيتها مئات المدنيين.

ومع تصاعد العمليات، أطلقت تركيا عملية درع الفرات التي نجحت في تحرير جرابلس والباب ودابق من قبضة التنظيم، بينما شن التحالف الدولي ضربات جوية كثيفة أضعفت موارده المالية والعسكرية.

الانهيار الكامل ومقتل البغدادي

بحلول عام 2017 خسر التنظيم أكثر من 80% من أراضيه تحت ضغط التحالف الدولي والجيشين السوري والعراقي، وفي 26 أكتوبر 2019 نفذت القوات الأمريكية عملية نوعية في إدلب، أسفرت عن مقتل أبو بكر البغدادي بعد أن فجر نفسه بحزام ناسف.

وبحسب خرائط عام 2021 لم يبقَ للتنظيم سوى جيوب صغيرة في سوريا وليبيا واليمن والصومال، دون أي نفوذ حقيقي، بعد أن تفكك إلى خلايا ضعيفة متناثرة.

الدرس الأخير.. نهاية فكر العنف

تاريخ التنظيم يختصر مأساة التطرف حين يتحول الدين إلى ذريعة للقتل والسيطرة، فبرغم ما امتلكه من المال والسلاح، انتهى كما بدأت جميع التنظيمات الإرهابية: مهزومًا بالفكر والوعي والإرادة الإنسانية.