إيران ترفع حالة التأهب بعد وصول مقاتلات سوخوي 30 وميغ 29 الروسية طهران .. هل تفعلها إسرائيل؟

تعيش المنطقة على وقع تصعيد متسارع ينذر بتغيرات جذرية في موازين القوى بين إيران وإسرائيل، في ظل أنباء مؤكدة عن وصول مقاتلات روسية متطورة من طراز "ميغ 29" إلى القواعد الإيرانية، وهو ما اعتبرته طهران خطوة ضرورية لرفع الجاهزية الدفاعية في مواجهة أي هجمات إسرائيلية محتملة، التطورات العسكرية تتزامن مع طرح خطة سياسية مثيرة للجدل من جانب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن غزة، ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا وارتباكًا.
مقاتلات روسية في الأجواء الإيرانية
خلال الأيام الماضية، تناقلت مصادر برلمانية إيرانية وإعلامية عدة تقارير تؤكد وصول مقاتلات روسية من طراز "ميغ 29" إلى إيران، حيث التقطت عدسات مصورين محليين مشاهد لطائرة تحلق في الأجواء الإيرانية متطابقة مع هذا الطراز القتالي، وتكتسب هذه الخطوة أهمية قصوى في ظل تصاعد المخاوف الإيرانية من احتمالية قيام إسرائيل بعمليات عسكرية جوية جديدة تستهدف عمقها الاستراتيجي.
الطائرة "ميغ 29" صُممت أساسًا لمواجهة تحديات حلف الناتو، وخاصة مقاتلات "إف 15" و"إف 16" الأمريكية، وهي الطائرات التي تعتمد عليها إسرائيل بشكل أساسي في عملياتها العسكرية، وقد لعبت تلك المقاتلات دورًا بارزًا في حرب الـ 12 يومًا الأخيرة، وكذلك في عمليات اختراق العمق الإيراني عبر الأجواء العراقية.
قدرات متطورة لمواجهة الخطر
تمتلك "ميغ 29" مدى قتاليًا يصل إلى 1000 كيلومتر، يمكن تمديده حتى 2000 كيلومتر باستخدام خزانات إضافية للوقود، كما أنها مزودة برادارات متطورة قادرة على كشف الطائرات المعادية على مسافات تصل إلى 200 كيلومتر بعد التحديثات الأخيرة. تتميز المقاتلة أيضًا بقدرتها العالية على المناورة والتحليق على ارتفاعات تصل إلى 18 كيلومترًا، فضلًا عن حملها لعدد كبير من الصواريخ التكتيكية.
هذه المواصفات تجعلها خيارًا مثاليًا بالنسبة لإيران، خاصة في ظل الحاجة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية سريعًا، حيث فضلت طهران التعاقد مع موسكو بدلًا من بكين، نظرًا لتأخر الجانب الصيني في الاستجابة لمطالبها.
انتشار في مواقع استراتيجية
تشير المصادر إلى أن المقاتلات الروسية الجديدة تمركزت في قاعدة جوية قريبة من مدينة شيراز، وهي منطقة حساسة تحتوي على مواقع صاروخية استراتيجية، تموضع هذه الطائرات يمنح إيران القدرة على اعتراض أي هجمات جوية إسرائيلية محتملة سواء فوق الأجواء الإيرانية أو العراقية، بل ويتيح لها حماية العاصمة طهران ومؤسسات الحكم الحساسة، بما في ذلك مكتب المرشد الأعلى والقيادات العسكرية للحرس الثوري.
الأهمية الاستراتيجية لشيراز لا تتوقف عند هذا الحد، إذ تمنح هذه القاعدة مرونة إضافية لمساندة الحرس الثوري في مضيق هرمز، الذي يُعد أحد أبرز النقاط الساخنة عالميًا، في حال قررت إيران إغلاق المضيق ردًا على ضغوط عسكرية أو اقتصادية، يمكن لهذه الطائرات أن تقدم إسنادًا مباشرًا لحماية القوات الإيرانية في مواجهة أي تحركات أمريكية أو إسرائيلية لإحباط مثل هذا السيناريو.
تحركات لوجستية روسية
اللافت أن وصول هذه الطائرات لم يكن التطور الوحيد، إذ رُصدت طائرة شحن روسية عملاقة من طراز "أنطونوف 124" في مطار عسكري إيراني مهم مطلع سبتمبر. هذه الطائرة قادرة على نقل قطع طائرات مقاتلة كاملة لتجميعها لاحقًا داخل إيران، صور الأقمار الصناعية أظهرت أيضًا وجود مقاتلات "سوخوي 30" في المنطقة، ما فتح الباب أمام تكهنات بوصول دفعات إضافية من الطائرات الروسية، بينها مقاتلات "سوخوي 35" التي سبق أن تعاقدت عليها طهران، إضافة إلى طائرات تدريب قتالي متطورة من طراز "ياك 130".
إذا صحت هذه المعلومات، فإن عدد المقاتلات الإيرانية قد يقفز من 67 طائرة إلى نحو 400 مقاتلة، وهو ما يمثل تحولًا جذريًا في موازين القوة بالمنطقة.
معضلة الدفاع والهجوم
رغم هذا التعزيز، تواجه إيران تحديات صعبة، إذ تعرضت بنيتها التحتية الصاروخية لضربات إسرائيلية موجعة، كان أبرزها تدمير منصات إطلاق في قاعدة الإمام علي قرب خرم آباد خلال حرب الـ 12 يومًا. الصور الجوية أظهرت تدمير 11 منصة إطلاق بالكامل، ما تسبب في تقويض قدرة إيران على توجيه ضربات بالستية بعيدة المدى ضد إسرائيل.
هذا الواقع فرض على طهران البحث عن بدائل سريعة، ما جعل المقاتلات الروسية خيارًا ملحًا لتأمين الدفاعات الجوية وتوفير غطاء استراتيجي للعمق الإيراني.
استنفار عسكري في الخليج
إلى جانب التحركات الجوية، كثف الحرس الثوري الإيراني من استعداداته البحرية في الخليج ومضيق هرمز. قادة عسكريون بارزون ظهروا في جولات تفقدية لخطوط الدفاع، وسط تقديرات بأن المنطقة قد تشهد تصعيدًا جديدًا في حال أقدمت إسرائيل أو الولايات المتحدة على ضربات واسعة ضد إيران.
المثير أن هذه التحركات تأتي في وقت رُصدت فيه شحنات أسلحة أمريكية وإسرائيلية كثيفة خلال الأيام الماضية، شملت طائرات شحن عسكرية عملاقة وطائرات لتزويد الوقود، وهو ما يعيد إلى الأذهان التحضيرات التي سبقت حرب الـ 12 يومًا.
خطة ترامب ونتنياهو بشأن غزة
في خضم هذا التصعيد العسكري، برز عنصر سياسي لا يقل خطورة، تمثل في خطة أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول غزة. تنص الخطة على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، يتم خلالها إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر أو قبل ذلك.
غير أن البنود الأهم تتعلق بانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية إلى خطوط محددة، بالتزامن مع نزع سلاح حركة حماس وتشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية لإدارة القطاع. الخطة تتضمن عفوًا عن عناصر حماس ممن يتخلون عن المقاومة، مع السماح لهم بمغادرة غزة إلى دول أخرى، بالإضافة إلى إدخال مساعدات وإطلاق مشاريع اقتصادية.
لكن الإشكالية الكبرى تكمن في أن الخطة لا تنص على انسحاب كامل لإسرائيل من غزة، إذ ستبقى في مناطق تعتبرها "آمنة" داخل القطاع. هذا الأمر اعتبرته حماس استسلامًا مقنّعًا لا يتناسب مع التضحيات التي قدمتها منذ اندلاع المواجهة في أكتوبر 2023.
موقف المقاومة والرفض المحتمل
بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، فإن الخطة تمثل خسارة سياسية وعسكرية، إذ تعني التخلي عن سلاحها مقابل وعود اقتصادية غير مضمونة، مع بقاء الاحتلال الإسرائيلي متجذرًا في مناطق حساسة من القطاع. هذا ما يجعل خيار الرفض أقرب، رغم الضغوط الدولية والإقليمية الهائلة التي تمارس لإجبارها على القبول.
الحسابات الإيرانية المعقدة
إيران تجد نفسها بدورها أمام حسابات صعبة، فهي تواجه ضغوطًا غير مسبوقة بسبب العقوبات الأمريكية والعودة إلى سياسة "الضغط الأقصى". في الوقت ذاته، تدرك طهران أن أي اتفاق في غزة يميل لصالح إسرائيل سيضعف حلفاءها الإقليميين، خاصة حماس وحزب الله، ويقوض قدرتها على المناورة.
لذلك يبدو أن اندفاعها نحو تعزيز قوتها الجوية يعكس خشيتها من أن تتحول الضربات الإسرائيلية من غزة إلى عمقها مباشرة، خاصة إذا فشلت المقاومة في فرض شروطها.
سباق التوقيت والمصير المجهول
المشهد برمته يعكس سباقًا مع الزمن. إيران تسابق الوقت لتعزيز دفاعاتها الجوية وتثبيت معادلة ردع جديدة، بينما تواصل إسرائيل تحضيراتها العسكرية وتستند إلى دعم أمريكي مفتوح. في المقابل، يقف الفلسطينيون بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان المقاومة التي ترفض الاستسلام.
الوقت هو العامل الأخطر كما يصفه محللون، فكلما تأخرت إيران في إتمام صفقاتها العسكرية، كلما ازدادت فرص إسرائيل في توجيه ضربات موجعة تحسم الصراع لصالحها. أما غزة، فهي تظل ساحة اختبار لهذه التوازنات، إذ إن مصير الخطة الأمريكية الإسرائيلية قد يحدد مآلات المواجهة الكبرى المقبلة في المنطقة.
إيران، إسرائيل، مقاتلات ميغ 29، السوخوي 35، الجيش الإيراني، الحرس الثوري، مضيق هرمز، الطائرات الروسية في إيران، ترامب ونتنياهو، خطة غزة، المقاومة الفلسطينية، نزع سلاح حماس، حرب 12 يومًا، الضربات الإسرائيلية، العقوبات الأمريكية، الاتفاق النووي الإيراني