وصف إسرائيل بالدولة المنبوذة .. تركي الفيصل: أمن الخليج مهدد

في واحدة من أكثر التصريحات حدة وصراحة خلال السنوات الأخيرة، وجّه الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، تحذيرًا شديد اللهجة من أن أمن دول الخليج أصبح مهددًا بشكل مباشر من قبل إسرائيل، التي وصفها بأنها "دولة منبوذة" لا تعترف بالقوانين الدولية ولا تلتزم بقواعد العلاقات الدبلوماسية، جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال حفل عشاء أقيم بمناسبة اليوبيل الذهبي لصحيفة.
تهديد مباشر لأمن الخليج
أوضح الأمير تركي الفيصل أن الهجوم الإسرائيلي على قطر لم يكن مجرد اعتداء عابر، بل بمثابة إنذار خطير لدول الخليج مجتمعة، مؤكدًا أن هذا التطور يجب أن يدفع العواصم الخليجية إلى مراجعة تحالفاتها واستراتيجياتها الأمنية، وقال بوضوح إن أمن الخليج المشترك بات عرضة للتهديد من قبل إسرائيل، مشددًا على ضرورة أن تعمل دول المنطقة على بناء سياسات استراتيجية جديدة قادرة على مواجهة هذا النوع من التحديات.
إسرائيل وغياب الالتزام الدولي
في كلمته، وصف الأمير تركي إسرائيل بأنها دولة لا تعير أي اهتمام للقوانين الدولية ولا للأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول. واعتبر أن هذا السلوك يجعلها خطراً وجودياً على استقرار المنطقة، ما يفرض على دول الخليج عدم منحها حرية التصرف دون رادع أو حساب، وأكد أن الهجوم على قطر يجب أن يكون لحظة وعي سياسي تعيد فيها الدول الخليجية التفكير في خياراتها الأمنية وتحالفاتها الإقليمية والدولية.
الدور الأمريكي ومعايير مزدوجة
لم يقتصر حديث الفيصل على إسرائيل وحدها، بل وجه انتقادات حادة إلى الولايات المتحدة، التي قال إنها تخلت عن دور الوسيط النزيه في عملية السلام وتحولت إلى حليف قوي لإسرائيل، مضيفًا أن ازدواجية المعايير التي تمارسها واشنطن في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أصبحت واضحة للعيان، ليس فقط بالنسبة للعرب، بل للعالم أجمع، كما أكد أن هذا الانحياز الأمريكي ساهم في تأجيج الصراع وزاد من حالة الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة والضفة الغربية.
ترامب وصناعة السلام
في خضم انتقاداته، تطرق الأمير تركي الفيصل إلى الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، قائلًا إن طموحه للظهور كصانع سلام يتطلب منه تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية السابقة بحق شعوب المنطقة، موضحًا أن الولايات المتحدة تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية عن حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار التي يعيشها الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن بعض قادة المنطقة يتحملون جزءًا من المسؤولية لكن الدور الأمريكي كان الأكثر تأثيرًا.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
رحب الأمير تركي بالتقدم الأخير الذي تحقق نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي جاء بفضل الجهود الدبلوماسية التي قادتها المملكة العربية السعودية وفرنسا، وأشار إلى أن الاعتراف بفلسطين كدولة في الأمم المتحدة يمثل خطوة كبيرة في مسار الحل العادل للقضية الفلسطينية، ويفتح الباب أمام المزيد من الاعترافات الدولية.
رد على الاتهامات الإسرائيلية
وفي معرض رده على الانتقادات التي وجهتها الحكومة الإسرائيلية وبعض مؤيديها، شدد الأمير تركي الفيصل على أن الاعتراف بدولة فلسطين ليس مكافأة لحماس أو هجماتها في 7 أكتوبر، بل هو تأكيد على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة، واعتبر أن الرواية الإسرائيلية التي تسعى لتصوير الاعتراف وكأنه دعم للعنف "مغالطة خبيثة" هدفها إنكار الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
رؤية استراتيجية جديدة للخليج
من خلال تصريحاته، بدا الفيصل حريصًا على توجيه رسالة واضحة بأن أمن الخليج لا يمكن أن يبقى مرهونًا بتحالفات قد لا تصمد أمام التهديدات القادمة من إسرائيل، ودعا إلى بناء رؤية استراتيجية جديدة تقوم على حماية المصالح المشتركة لدول المنطقة، والتعامل بواقعية مع التحديات الأمنية المتزايدة، وأكد أن المرحلة المقبلة تتطلب وحدة خليجية أكثر صلابة، وتعاونًا أوثق في مواجهة الأخطار التي لم تعد مقتصرة على حدود دولة واحدة، بل تمس الأمن الإقليمي برمته.
الخلاصة
تصريحات الأمير تركي الفيصل تعكس حجم القلق الخليجي من التحولات الأخيرة في المشهد الإقليمي، حيث أصبح من الواضح أن إسرائيل تمارس سياسة هجومية مباشرة لا تراعي سيادة الدول ولا تحترم الأعراف الدولية، وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية لتحقيق حل الدولتين ودعم الدولة الفلسطينية، فإن الخليج يواجه تحديًا استراتيجيًا يتمثل في كيفية حماية أمنه المشترك في ظل تهديدات متصاعدة وتحالفات متقلبة.
تركي الفيصل، أمن الخليج، إسرائيل دولة منبوذة، الهجوم الإسرائيلي على قطر، العدوان الإسرائيلي، قادة حماس في الدوحة، الحرب على غزة، الاعتراف بدولة فلسطين، حل الدولتين، السياسات الخليجية، العلاقات السعودية الأمريكية، ازدواجية المعايير الأمريكية، دونالد ترامب، الأمن الإقليمي، السياسة السعودية، الاعتراف الدولي بفلسطين، مجلس التعاون الخليجي، التحالفات الإقليمية، الاحتلال الإسرائيلي، القضية الفلسطينية