العرب 24
جريدة العرب 24

إجراءات التأمين في المتحف المصري مقارنة بالمتاحف العالمية: أيهما أكثر صرامة في حماية الآثار؟

آثار مصرية
أحمد واضح العلامي -

تُعد حماية الآثار مسؤولية كبرى تتشارك فيها الحكومات والمؤسسات الثقافية العالمية، إذ تشكل المتاحف خزائن للتراث الإنساني وذاكرة الشعوب، وفي مصر، يظل المتحف المصري بالتحرير رمزًا عالميًا للحضارة الفرعونية، ما يفرض عليه اعتماد أنظمة تأمين متطورة لحماية مقتنياته من أي تهديد، سواء كان سرقة أو تخريبًا أو حتى مخاطر طبيعية؛ لكن إلى أي مدى تتوافق إجراءات التأمين في المتحف المصري مع تلك المطبقة في المتاحف العالمية الكبرى مثل اللوفر في باريس أو المتحف البريطاني في لندن أو المتحف الوطني في واشنطن؟

التأمين داخل المتحف المصري

شهد المتحف المصري تطويرًا ملحوظًا في أنظمة الأمن خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد ارتفاع المخاطر التي تتعرض لها الآثار؛ فقد تم تعزيز المنظومة بكاميرات مراقبة عالية الدقة موزعة على قاعات العرض والمخازن، إضافة إلى أجهزة إنذار ضد الحريق وكواشف حركة تعمل على مدار الساعة.

ويخضع الزوار لإجراءات تفتيش دقيقة تشمل بوابات إلكترونية وأجهزة كشف المعادن، مع وجود حراسة مشددة في محيط المتحف من قبل قوات الشرطة، بجانب الاعتماد على فرق أمن داخلي مدربة للتعامل مع حالات الطوارئ.

تجارب المتاحف العالمية

في المقابل، تعتمد المتاحف العالمية على تقنيات أكثر تعقيدًا وحداثة. فمتحف اللوفر، الذي يحتضن لوحة الموناليزا، يستخدم أنظمة زجاج مقاوم للرصاص وأجهزة استشعار متصلة مباشرة بغرف التحكم، أما المتحف البريطاني في لندن فيُعرف باستعانته بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لرصد أي حركة غير طبيعية داخل القاعات.

والمتاحف الأمريكية مثل "سميثسونيان" تطبق إجراءات استثنائية في حالات الطوارئ، حيث توجد خطط إخلاء رقمية وأنظمة إطفاء آلية تعمل بالغاز بدلاً من الماء لحماية المقتنيات من التلف.

أوجه التشابه والاختلاف

يتشابه المتحف المصري مع المتاحف العالمية في اعتماد كاميرات المراقبة والبوابات الإلكترونية وأجهزة الإنذار، لكنه يختلف من حيث مستوى التكنولوجيا المستخدمة؛ ففي حين تعتمد المتاحف العالمية على الذكاء الاصطناعي والأنظمة البيومترية للتعرف على الزوار والعاملين، لا تزال الإجراءات في مصر تركز أكثر على التدابير التقليدية البشرية والمراقبة المباشرة.

وتلجأ بعض المتاحف الدولية إلى برامج سرية للتأمين مثل زرع مجسات دقيقة داخل القطع الأثرية نفسها، وهو ما لم يُعلن عن تطبيقه بعد في المتحف المصري.

تحديات الأمن في مصر

تواجه منظومة التأمين في المتحف المصري تحديات خاصة، منها الموقع المركزي للمتحف في قلب القاهرة المزدحمة، ما يزيد من صعوبة السيطرة الكاملة على محيطه، كما أن كبر حجم المجموعة الأثرية المعروضة يتطلب جهودًا مضاعفة، مقارنة بمقتنيات محدودة نسبيًا في بعض المتاحف العالمية.

ورغم ذلك، تسعى السلطات المصرية لتعزيز المنظومة الأمنية من خلال الاستعانة بخبرات أجنبية وتطبيق أنظمة حديثة في المتحف المصري الكبير بالجيزة، الذي يُتوقع أن يصبح نموذجًا عالميًا للتأمين المتحفي.

الخلاصة

يبقى المتحف المصري ملتزمًا بحماية آثاره عبر أنظمة تأمين متطورة نسبيًا، لكنه بحاجة إلى مواكبة التكنولوجيا العالمية في هذا المجال؛ فبينما تعتمد المتاحف الدولية على الذكاء الاصطناعي وأنظمة استشعار عالية الدقة، يركز الجانب المصري على الكثافة البشرية والإجراءات التقليدية، ومع افتتاح المتحف الكبير وتطبيق أحدث تقنيات الأمن، قد نشهد نقلة نوعية تجعل مصر تقف على قدم المساواة مع كبريات المتاحف العالمية في حماية تراثها العريق.

المتحف المصري، المتاحف العالمية، إجراءات التأمين، حماية الآثار، المتحف الكبير، الأمن المتحفي، سرقة الآثار