سباق القاذفات الشبحية يحتدم
”باك دا” الروسية.. هل تهدد هيمنة القاذفة الأمريكية الشبح ”B-21 رايدر”؟

في عالم التفوق العسكري، من يملك السماء يملك زمام المعركة. لم يعد عدد الطائرات هو الفيصل في تحديد الهيمنة الجوية، بل أصبحت القدرات التكنولوجية المتطورة للمقاتلات الشبحية من المناورة والتخفي وحتى تنفيذ ضربات دقيقة قبل أن ترصدها الرادارات هي معيار التفوق الجديد. وفي هذا السياق، تخوض الولايات المتحدة وروسيا سباقًا محمومًا في تطوير الجيل الجديد من القاذفات الشبحية، حيث تمثل قاذفة "B-21 رايدر" الأمريكية أخطر ما أنتجته الصناعات الجوية الغربية، فيما تراهن روسيا على منافستها الغامضة "باك دا" لتقلب موازين الردع من جديد.
"باك دا".. حلم روسي يعود إلى التسعينيات
تعود جذور مشروع القاذفة الروسية "باك دا" (PAK DA) إلى تسعينيات القرن الماضي، إلا أن التصميم الفعلي انطلق مع بدايات الألفية الجديدة، حين بدأت شركة "توبوليف" الروسية العمل على تصميمها، بحسب موقع "ذا ناشونال إنترست" الأمريكي. وقد تم الإعلان الرسمي عن المشروع في عام 2019 عندما كشف نائب وزير الدفاع الروسي عن اعتماد التصميم الأولي، ليعلن لاحقًا نائب رئيس الوزراء الروسي للصناعة أن النموذج الأولي سيدخل الإنتاج في 2021. إلا أن الجدول الزمني تعرقل عدة مرات بسبب ظروف مالية وتقنية، فضلاً عن الضغوط الجيوسياسية المتزايدة على موسكو.
قاذفة على طراز "B-2" بتقنيات روسية
استلهم الروس تصميم "باك دا" من القاذفة الأمريكية الشهيرة "B-2 سبيريت"، لكنهم يخططون لتزويدها بمنظومة متكاملة من أحدث أنظمة التحكم في الطيران، والرصد الراداري، والحرب الإلكترونية، والاتصالات الآمنة. وستكون القاذفة قادرة على التحليق لمسافة تصل إلى 12 ألف كيلومتر، والبقاء في الجو لنحو 30 ساعة متواصلة، وهو ما يعزز من تصنيفها كقاذفة استراتيجية طويلة المدى.
حمولة ضخمة تشمل أسلحة نووية وفرط صوتية
تتمتع "باك دا" بقدرة تحميل تصل إلى 30 طنًا من الصواريخ المجنحة والقذائف الجوية والأسلحة الفرط صوتية، سواء التقليدية أو النووية. هذا التنوع في الحمولة يعكس رغبة روسيا في تعزيز قدراتها على توجيه ضربات استراتيجية بعيدة المدى، دون الحاجة للاقتراب من أهدافها، وهو ما يتماشى مع العقيدة العسكرية الجديدة التي تركز على الردع الاستباقي.
هجوم "سبايدر ويب" يعجل الجدول الزمني الروسي
لم يكن تسريع مشروع "باك دا" وليد الحاجة التقنية فقط، بل جاء مدفوعًا بتحديات ميدانية مباشرة، أبرزها عملية "سبايدر ويب"، وهي هجوم بطائرات دون طيار استهدف قاذفات روسية على الأرض، وأدى إلى تدمير أو تعطيل عدد منها. هذا الهجوم سلط الضوء على هشاشة الأسطول الروسي الحالي، وأجبر موسكو على إعادة ترتيب أولوياتها الجوية، وجعل من "باك دا" أولوية قصوى في استراتيجية الردع المستقبلي.
B-21 رايدر.. الخصم الأكثر تقدمًا
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة رسميًا عن قاذفتها من الجيل السادس "B-21 رايدر"، والتي تستعد للدخول في الخدمة قريبًا. هذه القاذفة تمثل تطورًا نوعيًا في القدرات الشبحية، وتتميز بقدرتها على التخفي الكامل، وتنفيذ مهام هجومية دون الحاجة لدعم من الطائرات المرافقة. وقد أثبتت القاذفات الأمريكية من الجيل السابق، مثل "B-2 سبيريت"، كفاءتها في عمليات دقيقة، كان أبرزها استهداف مواقع نووية إيرانية، ما يُشكّل ضغطًا إضافيًا على روسيا لتقليص الفجوة التكنولوجية.
سباق مكلف لكنه حتمي
ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها موسكو، فإن القيادة الروسية تعتبر "باك دا" مشروعًا استراتيجيًا لا يحتمل التأجيل، خاصة في ظل تصاعد التوترات مع الغرب، والتحركات العسكرية الأمريكية على مستوى العالم. فنجاح الولايات المتحدة في إدخال "B-21 رايدر" إلى الخدمة دون رد روسي فعال، سيُكرّس هيمنة واشنطن الجوية لعقود مقبلة، ويضعف من قدرة روسيا على فرض شروطها في معادلات الردع.
باك دا، القاذفة الروسية الشبح، B-21 رايدر، قاذفات استراتيجية، روسيا، الولايات المتحدة، توازن الردع، توبوليف، القاذفات النووية، الأسلحة الفرط صوتية، التخفي الجوي، الحرب الإلكترونية، بي 2 سبيريت، سلاح الجو الروسي، سباق التسلح، أخبار الدفاع، أخبار روسيا العسكرية، تحديث الأسطول الجوي، الدفاع الجوي الروسي، القاذفات الأمريكية